اختلفت آراء الخبراء والمحللين السياسيين حول ما إذا كانت الخرطوم وإنجمينا قادرتين على التوصل إلى اتفاق حقيقي يعيد العلاقات بينهما ويوقف الصراعات الدائرة على الحدود، وذلك في أعقاب سلسلة من الاتفاقيات لم يكتب لها الدوام. فبينما اعتبر خبراء أن خلافات الطرفين خارجة عن إرادتهما وبالتالي لن يتمكنا على الأقل في الوقت القريب من السيطرة عليها، أكد آخرون أن بإمكان الرئيسين السوداني عمر حسن البشير والتشادي إدريس ديبي حسم الأمر إذا صدقت النوايا. وكان السودان وتشاد اتفقا على عودة سفيري البلدين خلال أسبوعين تمهيدا لاستعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة فيما بينهما بعد محادثات أجراها وزير الخارجية التشادي موسى فكي مع مستشار الرئيس السوداني مصطفى عثمان إسماعيل في العاصمة الليبية طرابلس، تعهد فيها البلدان بوقف تأييد المتمردين الموجودين في أراضي كل منهما. لكن الخبراء والمحللين لم يستبعدوا في الوقت ذاته أن يساهم الاتفاق بشكل كبير في تهدئة الأوضاع في دارفور وشرقي تشاد "ولو إلى إشعار آخر". أياد خارجية واستبعد الخبير السياسي عبد الرحمن فرح أن ينجح اتفاق الطرفين في معالجة الأزمة بينهما، مشيرا إلى وجود ما سماه الأيادي الخارجية التي لا تسعى لمعالجة الوضع. وقال فرح للجزيرة نت إن تبادل السفراء "لن يحل المشكلة بين الخرطوم وإنجمينا إلا بتغير أحد نظامي الحكم لأن هناك من يحرك المنطقة برمتها للتقسيم". وتساءل فرح عما إذا كانت إنجمينا قادرة على مواجهة رغبات الغرب ممثلا في أميركا أو فرنسا أم لا. وأضاف "لن ينجح أي لقاء أو إعادة السفراء طالما كانت هناك قوة خارجية تدفع المنطقة برمتها إلى الاحتراب والاختلاف". أما المحلل السياسي محمد موسى حريكة فاستبعد حسما كاملا لملف الأزمة بين الخرطوم وإنجمينا، مشيرا إلى أن تبادل التمثيل الدبلوماسي عبر السفراء "سيكون شكليا كما كان في الماضي". عمق الأزمة وقال حريكة للجزيرة نت إن الأزمة بين الطرفين أكبر وأعمق من اتفاقات تشرف عليها الحكومة الليبية، "ولن يتمكن الطرفان من معالجة ما بينهما من خلاف إلا بحل مشكلاتهما الداخلية متمثلة في حركات دارفور والمعارضة التشادية". لكنه توقع أن يسهم الاتفاق في تقليل درجة الاتهامات المتبادلة بين الطرفين "إلى حين آخر". ومن ناحيته اعتبر المحلل السياسي محيي الدين تيتاوي أن جدية الطرفين ستحسم الموقف لصالح السلام بينهما، مؤكدا في الوقت ذاته أن الاتفاق ربما أدى إلى انقشاع ما سماه سحابة الخلافات المتراكمة. وأكد أن الطرفين تضررا من الأزمة القائمة في الحدود بينهما "وبالتالي فإن صدقهما نحو الحل هو ما سيقود إلى المعالجة الكلية". وقال تيتاوي في حديث للجزيرة نت إن الخلاف بين الدولتين بحاجة إلى تدخل قوى دولية "توقف من يمدون الحركات المسلحة في دارفور والمعارضة التشادية بالسلاح لمحاربة النظامين في الخرطوم وإنجمينا". واعتبر أن لقاء فكي وعثمان إسماعيل لن يكون الأخير طالما أنه ليس الأول، "وحتى لو أدى إلى هدنة ستكون في مصلحة البلدين فإنها إلى حين". عماد عبد الهادي-الخرطوم: الجزيرة نت