بعد زهاء الستة أشهر حسوما ، أعادت سفارة الولاياتالمتحدةبالخرطوم فتح أبوابها للجمهور عبر استئناف الخدمات القنصلية، بما في ذلك خدمات المواطن الأمريكي والتأشيرة لغير المهاجرين وذلك اعتبارا من أمس «الاثنين» ، هذه الخطوة تعيد الأذهان منتصف سبتمبر الماضي عندما أعلنت ذات السفارة «العتيقة» إيقاف إجراءاتها المذكورة آنفا عبر بيان مقتضب أصدرته بذات الشأن، وعزت السفارة حينها الإغلاق الى ما اسماه البيان الضرر الذي لحق بالبوابات وكميرات المراقبة، مما يصعب مواصلة العمل معه الا بعد إجراءات الإصلاح التي تركها خلف عبارة «إلى حين إشعار آخر» ولكن الخطوة حينها بحسب مراقبين كانت متوقعة عقب الأحداث التي صاحبت الاحتجاجات على الفيلم الأمريكي المسيء للإسلام، وكان زعيم المؤتمر الشعبي د.حسن عبدالله الترابي أول من قرع جرس خطورة الأحداث تلك عندما أشار إلى ان نتيجة الاعتداء على السفارات انعكست على خروج الأمريكان من السودان، وأضاف «خلاص الأمريكان خرجوا وإذا أردتم ڤيزا فاذهبوا إلى مصر» وكان عندما أغلقت السفارة أبوابها في سبتمبر الماضي نظر الكثيرون الى الخطوة من الزاوية السياسية ، وذهبوا مذاهب شتى، في تفصيل تأثيراتها على علاقة البلدين ، على الرغم من ان حبل الود بين واشنطنوالخرطوم لم يكن متصلا منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، الا ان مراقبين للأوضاع أشاروا الى ان هناك جوانب أخرى ذات صلة بالقرار ربما كانت أكثر تأثرا بالخطوة الأمريكية من غيرها، وهي الجوانب الخدمية من بينها منح التأشيرة والأنشطة الاخرى المتعلقة بالتعامل مع الجمهور، من إرسال دارسين سودانيين الى أمريكا وغيرها، وكان مصدر دبلوماسي قد قال ل(الصحافة) وقتها «ان التأثيرات ستكون كبيرة على المواطنين السودانيين الذين درجوا على التعامل مع السفارة في جميع أقسامها، وأشار المصدر الى ان نسبة الراغبين في الحصول على ڤيزا لأغراض مختلفة كان في تزايد منذ ان فتحت السفارة قسمها القنصلي بالخرطوم في العام 2010، ويقول المصدر الذي فضل حجب اسمه إن الخدمات التي تقدمها السفارة ليست محصورة في الڤيزا وإنما تشمل الدورات التدريبية للصحفيين وإقامة الأنشطة الثقافية المتعددة، ويضيف «كل ذلك سيتوقف إلى حين الانتهاء من الترتيبات التي وصفها بالعادية» ويبدو الى حد ما قاله المصدر صحيحا بالنظر إلى بيان العودة الذي أوردته السفارة بالأمس حيث قال في تعميم صحفي «انه سيتم افتتاح مركز المعلومات بمقر السفارة أمام الجمهور، حيث يوفر المركز الكتب والمجلات والأقراص الرقمية، بالإضافة لمقهى انترنت للتصفح المجاني الذي يتيح للزائر فرصة التعرف على التاريخ الأميركي،والحكومة، والمجتمع ، كما يمكن للزوار تحديد موعد في أيام الأحد، أو الثلاثاء، أو الخميس كل أسبوع خلال ساعات الصباح» فخطوة الإغلاق والفتح هذه ستعيدنا إلى ما قبل شهر مايو من العام 2010 وهو الموعد الأول الذي أعلنت فيه السفارة الأمريكية فتح أبوابها للجمهور الراغب في الحصول على استمارة تأشيرة للأعمال غير الرسمية، والطلاب الراغبين في الحصول على تلقي فرص التعليم والدراسة بالجامعات الأمريكية، وأشارت مسؤولة العلاقات العامة بالسفارة جودف ريقن في وقت سابق إلى وجود ألف جامعة بأمريكا متاحة للسودانيين، وان حكومة بلادها خصصت مبلغ (41) بليون دولار لتمويل التعليم. .قبل ذلك كان السودانيون يذهبون إلى «القاهرة» للحصول على تلك التأشيرات، وهذا ما كانت تترتب عليه تكاليف كبيرة تقع على كاهل الراغبين ومصروفات إضافية يحتاجها المسافر أبرزها طلب الحصول على تأشيرة دخول لمصر أولا ثم الإقامة في القاهرة في انتظار طلب الحصول على تأشيرة، لأمريكا، وكانت قد ذكرت مصادر من السفارة أن الخدمات ربما نقلت إلى أديس أبابا من واقع أن إعادتها إلى القاهرة مرة أخرى تشوبها الكثير من الصعوبات لجهة أن مصر تعاني ذات المشكلات التي دعت السفارة الأمريكية في الخرطوم إلى إيقاف خدماتها الخاصة بالجمهور، وهذا بحسب مراقبين تنطوي عليه تكاليف مضاعفة وصعوبات اكبر من تلك التي يقابلها السوداني في مصر من واقع أن الحصول على الخدمة من القاهرة أسهل من الحصول عليها في أديس أبابا، لأسباب كثيرة من بينها سهولة الحياة في مصر مقارنة بدول الجوار. وكان مصدر بالخارجية السودانية ذو صلة بملفات أمريكية قد اشار في حديث ل(الصحافة) سابقا الى ان عدد السودانيين الراغبين في الذهاب الى أمريكا تضاعف منذ العام 2011 سواء ان كانت زيارات عادية او بغرض العلاج، غير ان المصدر اكد بان العدد ليس كبيرا لان تكاليف زيارة أمريكا عالية جدا وتحتاج الى ميزانية كبيرة ، وينوه الى ان عدد السودانيين المتجهين الى بريطانيا اكبر منه إلى أمريكا، وأضاف «لذلك لا اعتقد ان تكون للخطوة تأثيرات كبيرة على مصالح المواطن السوداني في أمريكا»، وأشار خبير دبلوماسي بان خطوة فتح السفارة مرة أخرى يمثل امرا جيدا من الناحية الأدبية لكون ان إيقاف الخدمات في سفارة اكبر بلد في العالم يعتبر تراجعاً لصورتنا أمام العالم» منوها إلى ان هناك بلدان أوربية اخرى ربما اتخذت ذات الخطوة لأنها كثيرا ما تجامل أمريكا وتتعاطف مع سياساتها تجاه العالم الثالث. ورغم ان قرار فتح السفارة يبدو انه جاء بعد استيفاء أسباب الإغلاق السابقة التي انحصرت في الإجراءات ذات العلاقة بالترتيب والنظام، بحسب وكيل وزارة الخارجية السفير رحمة الله عثمان الذي وصف في حديث ل(الصحافة) امس الخطوة بالروتينية والإدارية ولا تعني شيئاً، واضاف»»هم اوقفوا الخدمات المعنية وقالوا بانها ستعود بعد ان تتم الإجراءات التي يرونها مناسبة والآن اعادوها وهو امر طبيعي»، الا ان الواقع احيانا يشير الى ان أي خطوة بين واشنطنوالخرطوم أي كان نوعها لا يمكن قراءتها بعيدا عن مسار السياسة، سيما و ان الأمريكان لكونهم يتصفون بالدقة لا يقدمون على فتح السفارة مرة اخرى الا اذا شعروا بان هناك مؤشرات تخدم مصالحهم تلوح في الأفق وان كان بعيدا وفقا لحسابات الإستراتيجية التي كثيرا ما تتسم بها سياسة واشنطن تجاه الآخرين، وفي هذا فإن خطوات القائم بالأعمال الأمريكي الجديد السفير جوزيف استافورد تبدو ماثلة فالرجل عندما استلم مهامه شكل نوعاً من الحراك المختلف الذي يحمل تفسيرا بان استافورد يمضي في اتجاه غريمه السابق البيرتو فرناديز، حيث كان الاخير اكثر السفراء الذين تعاقبوا على سفارة بلادهم في الخرطوم نشاطا، فاستافورد بخلاف نشاطه الذي كان ملاحظا عبر زياراته المتكررة لزعماء الطرق الصوفية، أطلق بعض التصريحات التي وصفت بالايجابية من بينها حديثه «بان العهد الثاني للرئيس أوباما سيتميز باستمرارية سياسته تجاه السودان والتي تؤكد على ضرورة السلام داخليا وخارجيا وتحسين العلاقات مع البلدان المجاورة منها دولة جنوب السودان« وقال استافورد سابقا «انا شخصيا متفائل بان العهد الثاني لأوباما نحن والحكومة السودانية سنجد فرصة لاجراء حوار يؤدي الى إمكانية تحسين العلاقات بين البلدين» هذا بعد ان نفى نية بلاده على اسقاط النظام في السودان او العمل على تقسيمه. صحيفة الصحافة