قوات حفظ السلام المنتشرة فى دارفور تحت مسمى الهجين لاتزال تعانى من النقص الحاد فى العتاد والدعم اللوجستى والطائرات الحربية والاستكشافية لانطلاق مهمتها الرامية للحفاظ على امن واستقرار النازحين ومواطنى دارفور ومراقبة عمل القوات المسلحة والحركات المسلحة. ولكن يبدو أن المهمة استصعبت ان لم تكن مستحيلة فى ظل الهجمات المتكررة على قوات الهجين نفسها وازدياد حالة النهب والسلب والاغتصاب فى عدد من اطراف ولايات دارفور الثلاث دون ان تتحرك القوات الهجين بفعالية او تعلن فى يوم ما القبض على حالة نهب أو سلب أو حتى من قتل جنودها وضباطها فى دارفور؟ نور الدين المازنى الناطق الرسمى باسم هذه القوات عادة ما يكتفى بالقول عند وقوع الاحداث (البعثة شكلت لجنة تحقيق بدأت اعمالها لمعرفة الجهة التي نفذت الهجوم. ويصف المازني الحادث بانه شنيع وانه وقع ضد جنود جاءوا الى دارفور لتحقيق هدف نبيل) على حد قوله: (وان الحادث أصاب قوات يونميد بالصدمة ولكن ذلك لن يثنيهم عن مواصلة مهمتهم) انتهى البيان. تصاعد الاحداث فى دارفور بالرغم من اعلان الحكومة لوقف اطلاق النار من طرف واحد جعل من عملية الاستقرار فى دارفور اشبه بلعبة القط والفأر أو (توم آند جيرى) وذلك عندما قال علي محمود والي جنوب دارفور فى ملتقى الولاية الاسبوع الماضى ان قوات الشرطة ملتزمة بوقف اطلاق النار فى دارفور، ولكنها لن تقف مكتوفة الايدى فى حالة تعرضها لهجوم فى اشارة الى ان اعلان وقف اطلاق النار لن يتم تطبيقه وذلك لان النهب لن يتوقف والشرطة لن تتوقف. وبما ان المجتمع الدولى ممثل فى المؤسسة الاممية يدرك جيداً خطورة الاوضاع التى تعيشها القوات الهجين الآن خاصة وأنها لم توف بوعودها تجاه هؤلاء الجنود والمتمثلة فى نشر ما تبقى من قوات وتوفير الدعم اللوجستى وطائرات المراقبة. سوزان ماكورا وكيلة الامين العام للامم المتحدة لشؤون الدعم الميداني قالت في تصريح صحفي عقب اجتماع للآلية الثلاثية المشتركة من السودان والاممالمتحدة والاتحاد الافريقي أن عدد القوات سيصل بنهاية العام الى (80%) بعد أن برأت الحكومة من التقاعس تجاه التزاماتها نحو الهجين، ولكن ماكورا قالت إنها على ثقة من ان نهاية العام ستشهد نهاية معاناة دارفور بتكملة اعداد القوات الهجين. وينتهى العام ليجد ان القوات الهجين اكثر معاناة من نازحى دارفور وتظل تحذيرات الاممالمتحدة من توقيف الرئيس البشير فصلاً من فصول هذه المعاناة. القائم بالاعمال الامريكي بالخرطوم البرتو فرنانديز في تصريحات له امس عقب عودته من دارفور ان قوة الهجين ما زالت تواجهها عدة عقبات لوجستية، وأفاد فرنانديز "تطرقنا مع المسؤولين في شمال دارفور وقيادات الهجين للتصدي للعقبات التي تواجه قوة سلام دارفور. وناقشت مع المسؤولين العراقيل المحلية والدولية التي تعترض عملية نشر قوة حفظ السلام بدارفور، وبعدها دخل القائم بالاعمال الامريكي فى الموضوع بطريقة غير مباشرة ليقول ان بلاده تريد تحقيق الاستقرار والامن في دارفور. مشيرا الى ان التوترات بالاقليم ما زالت متصاعدة بين الحين والآخر. وعندما سأله الصحافيون حول دعم واشنطن للجوانب اللوجستية للقوات الهجين قال فرنانديز " لا توجد مشاركة مباشرة للولايات المتحدة في (يوناميد) ونحن لا نشارك مطلقا بأية وحدات عسكرية، فى خطوة وصفها المراقبون بأن أمريكا تقف وراء فشل القوات الهجين وجاءت الآن لتعلن دعمها للقوات الهجين فى حالة السماح لها بالمشاركة فى هذه القوات. ودلف فرنانديز مباشرة للحديث حول طائرات الهجين وهى بمثابة فرس رهان للازمة القائمة وقال " سمعنا ان هنالك تقدماً كبيراً حدث في هذا الملف" ولكن الاجابة يجب ان تأتي من مسؤولي القوات المشتركة مؤكدا بأن دولته قادرة على توفير ذلك إذا طلبت الهجين نفسها. بعض المحللين السياسيين يرون ان تلويح القائم بالاعمال بايجاد حل للقوات الهجين بتوفير الطائرات بانه جس نبض لمعرفة مدى موافقة الحكومة على مشاركة امريكا بقوات وبعض الدول الغربية وهذا شرط الحكومة الوحيد قبل موافقتها على نشر القوات الهجين والبعض الآخر يرى ان من الاستحالة بامكانية نجاح القوات الهجين مالم تطلق امريكا يدها خاصة وان دارفور هدف استراتيجى لها. ولكن الفريق أول محمد بشير سليمان وصف حديث فرنانديز بانه خطوة خبيثة تريد من خلالها اختراق ازمة دارفور بعد ان رفضت الحكومة مشاركة قوات الاولى فى الشأن وقال سليمان ل «الرأى العام» أن قوات الهجين فشلت حتى فى الدفاع عن نفسها. وأرجع سليمان الفشل الى ان الدول التى تكونت منها القوات لا تملك توفير الدعم المادى واللوجستى مشيراً الى أن هدف امريكا الاستراتيجى فى دارفور لا يمكن ان تتخلى عنه ولذلك ستحاول اختراق اليونميد بأى شكل من الاشكال ويبقى الامر عن قدرة الحكومة على مراوغتها فى منع الاختراق وإلا سوف تبحث أمريكا عن سيناريوهات اخرى للدخول الى دارفور. البعض يشير الى ان التدخل فى شاكلة القانون الدولى الانسانى وغيره من احدى السيناريوهات المتوقعة على دارفور فى حالة استمرار فشل القوات الاممية فى دارفور بنهاية العام. ومهما يكن من امر سيظل نجاح القوات الهجين مرهوناً لمحاولة استقطاب الدول الغربية ورفض الحكومة لمشاركة هذة الدول فى القوات.