قَدَر الحجيج السودانيين أن تتوالى عليهم المفاجآت الحزينة كل عام، فقبل أن يفيقوا من خبر زيادة تكلفة الحج لهذا العام والتي قفزت وصولاً الى (20) ألف جنيه، وإنْ شئت قُل (عشرين مليون بالقديم)؛ قبل أن يستوعبوا خبر هذه الزيادة المهولة مقارنة بالظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها السواد الأعظم من الشعب، فاجأتهم وزارة الإرشاد والأوقاف تأجيل إجراءات التقديم للحج 1434ه من 11 يونيو إلى 23 يونيو الجاري. ما جعل البعض يشفق على مواطنين جمعوا هذا المبلغ بشق الأنفس ليفاجأوا بهذا التأجيل الذي ربما تسبَّب في (ضعضعة) المبلغ وبالتالي ضياع الفرصة لينطبق عليه المثل: (بعد ما لبَّنت أدُّوها الطير). المُحيِّر حقاً وصدقاً في خبر وزارة الإرشاد والأوقاف أنه اكتفى فقط بإعلان التأجيل من يوم 11يونيو الى 23 من نفس الشهر، وقبل أن يوِّضح الأسباب التي أدت لهذا التأجيل طفق يُعرِّف (الناس) بعدد الوكالات المشاركة في أعمال الحج 1434ه قائلا إنها 121 وكالة منها 117 تسلمت كراسة التقديم بما فيها 22 وكالة ولائية. ثم قفز الى أبعد ليحدَّثهم عن الاستمارة الجديدة لتوحيد الخدمة والتشديد على أهمية الالتزام بالموجهات وتطبيق الضوابط والاشتراطات الصحية وتوحيد الجهود. والقيام بالدور الحيوي الذي يسهل عملية الحج وإنجاح خدمة الحجاج. "حاج الحسن" أحد الذين عزموا أمرهم وقرر الذهاب لأداء شعيرة الحج لهذا العام في معية زوجته، أتى من ولاية نائية، قال انه جمع هذا المبلغ الكبير بعد أن ساعده أبناؤه في جزء منه ومن ثم باع محاصيله وبعض (البهائم) التي يعتمد عليها المنزل في مأكله ومشربه. "حاج الحسن" وقراءته لخبر وزارة الارشاد والاوقاف علَّق بقوله: ترك (عضم الموضوع) وراحوا يحدِّثونا عن أشياء تذكِّرك بمن اشترى (البرَبندي) قبل أن يشتري (الحمار)، وراح الرَّجُل يفصِّل حديثه قائلا: كُنَّا محتاجين نعرف اسباب التأجيل لكن الوزارة فضََلت أن تحدِّثنا عن عدد الوكالات والاستمارة الجديدة واشياء أخرى لا علاقة لها بالتأجيل لا من بعيد ولا من قريب. واختتم بقوله: (والله خايفين لحدي ما تجي المواعيد الجديدة نقوم ناكُل القروش ويضيع علينا الحج). تصحيح مفاهيم..!! صاحب وكالة متخصصة في اجراءات الحج والعمرة – طلب حجب اسمه- قال ل(السوداني): إنَّ التقديم للحج للقطاع الحكومي كان من المفترض أن يبدأ في الحادي عشر من شهر يونيو الجاري الا انه تم تأجيله الى الثالث والعشرين منه، اما قطاع الخدمات الخاصة (الوكالات الحج السياحي) فالتقديم له في الاصل يبدأ بعد انتهاء القطاع الحكومي. وبسؤالنا للدسوقي عن الاسباب التي أدت الى تأجيل اجراءات حج هذا العام، قال: "حسبما أعلم فالاسباب تعود الى ان وزارة الحج السعودية قامت بتخفيض حصة الحج بالنسبة للدول قاطبة حيث حصل السودان على 20 % وأرجعت ذلك الى التوسعة الجارية هذه الايام داخل الحرم، وهنا لا بد من الاشارة الى أن عمرة رمضان ايضاً تأثرت بصورة مباشرة هى الاخرى، ففي حين ان تأشيرات المعمرين في العالم الاسلامي في العام الماضي وصلت الى(2) مليون و(880) نجد انها تقلصت في هذا العام الى (500) الف تأشيرة فقط، بالتالي هذا الامر انعكس على اسعار التذاكر التي كانت العام الماضي(2500) جنيه، اما هذا العام فارتفعت الى (4500) جنيه، بزيادة قاربت ال (100%) لأن الشركات السعودية قامت برفع سعر التأشيرة لأنهم اصبحوا محكومين بفرص محددة وبسيطة لذلك لابد من زيادة الاسعار لمقابلة النفقات. اما بالنسبة للحج فبعد ان كانت التكلفة في العام الماضي للمسافرين عبر الطيران تبلغ (16800) جنيه ارتفعت هذا العام لتصل الى (20500) جنيه، ولا بُد من الاشارة هنا الى ان حصة الحجيج السودانيين انخفضت بنسبة 20 %"، وفي خاتمة حديثه قال الدسوقي: "بالنسبة للحج في القطاعات الحكومية فانه يتم تأجير العمارات السكنية منذ العام الماضي اي بعد انتهاء موسم الحج استعداداً للموسم الجديد، وهذا ماحدث بالفعل حيث تم تأجير العمارات السكنية على حسب العدد الكلي منذ العام الماضي اما الآن وبعد تقليص العدد فقد ترتبت الكثير من الاشياء والمنسقية العامة للحج والعمرة بالمملكة تقوم بمعالجة هذا الامر حالياً. في انتظار إجابات حاولنا الاتصال بالجهات الرسمية ممثلة في مدير عام الإدارة العامة للحج والعمرة المطيع محمد أحمد السيد، لنسأله سؤالين محددين هما: عرف الناس خبر تأجيل إجراءات التقديم للحج 1434ه من 11 يونيو إلى 23 يونيو الجاري، ولكنهم لم يعرفوا البتة الاسباب التي دعت لذلكم التأجيل؟ أيضاً ارتفعت قيمة تكلفة الحج هذا العام وصولا الى عشرين مليون من الجنيهات (بالقديم).. لماذا حدث هذا؟ وهل يتطلب ذلك أن (يربط) حُجَّاج العام القادم –إذا مدَّ الله في الآجال، خمسة وعشرين مليون؟ أم يا تُرى ستتوقَّف هذه (الزيادات) المهولة على حجج بيت الله الحرام؟. تلك كانت هى الاسئلة ولكن باءت كل محاولات الحصول على إجاباتها بالفشل، إذ لم نتمكَّن من الوصول لمدير عام الإدارة العامة للحج والعمرة.