استوقفني كثيراً طرد الفنانة ندي القلعة لسائقها الخاص صلاح كبير الاسيدي من منزلها بسبب قطعة ( كفتة ) في الساعات الأولي من صباح ذلك اليوم فواقعة الطرد دفعتني دفعاً للكتابة في هذا الموضوع الذي يقودني إلي ملف ذوي الدخل المحدود الذي يتطلب عرضه لعدم التطرق له بالصورة التي تحفظ للعمالة حقوقها ممن يستخدمونهم في أشغال مختلفة وبرواتب بسيطة جداً لا تحقق لهم العيش بكرامة خاصة من ناحية المأكل والمشرب لذا علينا إيجاد الحلول الناجزة لها بما فيهم أولئك الذين يعملون علي مدار الساعة بالبقاء في مكان العمل من واقع عدم تمكنهم من الذهاب إلي منازلهم خوفاً من إضافة فواتير جديدة للراتب الذي لا يكفي حق تعرفة المواصلات التي تقله مجيئاً وذهاباً.. لذلك عندما روي لي الاسيدي قصة طردة بسبب قطعة ( الكفتة ) لم أكن مندهشاً من ذلك التصرف الذي بدر من الفنانة ندي القلعة.. فالقصة سبقتها قصص أخري كقصة حمدان أزرق وكلب ندي القلعة ( هتلر ) وقصة المنجد التي وصل بها إلي قاعة المحكمة.. ثم تلتها استرداد قصة الهدوم الخاصة بالفرقة الموسيقية من عازف البيز الشهير علاء الدين وغيرها .. وهذه القصص تقودنا إلي تعامل الفنانة مع من يعملون معها في عربتها أو منزلها السؤال الذي يفرض نفسه هو هل ندي القلعة علي حق وكل هؤلاء مخطئون ؟. بغض النظر عما ذهبت إليه نلحظ أن معظم الإشكاليات التي أشرت لها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالنواحي الاقتصادية التي أصبحت تخنق الأصوات في محيط ضيق وما قطعة ( الكفتة ) إلا أكبر دليل علي ذلك وربما تجعل إنساناً بسيطاً غلباناً يبكي من التعامل اللا إنساني.. نعم يبكي ﺃﻟﻤﺎً ﻭﺣﺴﺮﺓ دون أن يستطيع تناول ولو قطعة ( كفتة ).. لذلك تجدني أبحث عن الحل ولكن كيف في ظل الفاجعة وعدم المراعاة للظروف الإنسانية والاقتصادية القاهرة .. التي تفاجأ في إطارها صلاح كبير بما لم يكن يخطر بباله رغماً عن سنوات عمله الطوال التي ظل صابراً فيها علي راتب شهري لا يتجاوز ال ( 500 ) جنية.. فهل هذا المبلغ كاف لقضاء مستلزمات الاسيدي بما فيها الوجبات الثلاث باعتبار أنه ممنوع من دخول مطبخ ندي وأكل كفتتها.. ومع هذا وذاك مطالب بأن يوفر بعضاً من متطلباته الآخري التي يحفظ بها ماء وجهه في المحيط القريب والبعيد منه. والمصيبة الكبرى مما نتطرق له أن يكون ذلك الشخص عائلاً لأسرته وتنتظر منه أن يقدم لها ولو القليل من راتبه إلا أنه وبأي حال من الأحول يجد نفسه مكبلاً بقيود الراتب البسيط فتصيبه خيبة أمل لا تمكنه من التفاؤل فهو لم يستطع أن يصل من مكان طرده إلي منزله بام درمان لعدم امتلاكه المال ولولا أن جار ندي دفع له في صباح اليوم التالي بمبلغ ثلاثين جنيه لكان قد توجه إلي منزلهم راجلاً خوفاً من إحراج الكمساري.. لذلك لا يطلب الاسيدي من القلعة سوي مستحقاته بعد أكثر من ( 14 ) عاماً من تاريخه. ومما أشرت إليه لن أغوص كثيراً في الخلاف بين الطرفين بالتحليل ولكن سأحرص علي الوقوف بتأمل فيما حدث حتى نحقق استراتيجية في التعامل بين العامل والمستخدم.. وتحولاً في مسار العمل وأن يكون ذلك التحول ملموساً بحيث يستفيد منه الطرفين وبالتالي يحسن العامل وضعه المالي مع التأكيد علي مبدأ احترامه في حال أنه يقيم مع المستخدم في منزله.. فمن أبسط الأشياء أن يسمح له بتناول ولو وجبة واحدة ولا أقول ثلاث وجبات في ظل الظروف الاقتصادية القاهرة حتى يتثني له أن يؤدي المهام الموكلة له بنشاط وهمه دون أن يكون محروماً من تناول أطعمه قد يساهم في إحضارها من السوق. يجب مراعاة المستخدم حينما يوظف عاملاً بما يتناسب مع الزيادات المطردة التي يمر بها العالم بصورة عامة وهي وحدها التي فرضت علي دول كثيرة إصلاحات يجب أن يتبعها أيضاً المستخدم مع عامله طبقاً لاحتياجات السوق الذي أصبح في ارتفاع مستمر. ويجب أن يكون الحد الأدنى للأجور ألف جنية بدلاً من الخمسائية جنيه أي تحسين الراتب خاصة الرواتب الدنيا. ولابد من أن نري المقترحات أعلاها مطبقة علي أرض الواقع.. حتى يكون العامل أمام عرض واضح وضوح الشمس في رابعة النهار. وعليه لأبد أن نضع آلية تحفظ لكلا الطرفين حقوقهما من إيفاء العامل بالمهام التي يطلع بها والمستخدم من ناحية الراتب فهو عصب الحياة للعامل.. وبهذه الإستراتيجية نستطيع أن نرفع من مستوي دخله البسيط خاصة ذلك الذي يداوم علي مدار الساعة ولا أعتقد أنه من العسير علي المستخدم منح الأجير المبلغ الذي اقترحته ولكنني مع الخلاف الذي حدث بين ندي القلعة وسائقها الخاص الاسيدي.. أجد أن ذلك الخلاف الذي فجرته قطعة ( كفتة ) أشعرني بأنني أرغب في أن ﺃﺻﺮﺥ ﻣﻨﺎﺷﺪﺍً الجهات المختصة مساعدة صلاح كبير في الحصول علي حقوقه المالية استناداً علي سنواته التي قضاها في خدمة القلعة.. لذلك لا يمكن التماس العذر لمن تجاوز حقوق الأجير الذي لا يمكن أن نقرر في مصيره بعد سنوات طويلة من خدمته.. فالمنطق والعقل يؤكدان أن الحل يكمن في رفع أجور العمالة خاصة أصحاب المهن البسيطة أو التي يعتبرها مستخدمي تلك العمالة بما فيها العمالة الهامشية.. لذا يجب أن نبحث عن حل لهذه المفاهيم.. خاصة وأن أمثال هؤلاء يعانون في سبيل الحصول علي المأكل والمشرب علماً بأن الأمن الغذائي والصحي خط أحمر بالنسبة لهم فلا خيار أمامهم ولا عذر لهم في امتلاك المال الذي يوفر لهم ذلك. وهل الخلاف الذي حدث بين ندي القلعة وصلاح كبير الاسيدي في قطعة ( كفتة ) هو لوحده الذي فتح ملفاً خطيراً كهذا الملف الذي يخفي بين طياته مأساة العمالة ذات الدخل البسيط.. لذلك نريد صوتاً قوياً يدافع عن حقوق العاملين. سراج النعيم