ساخر سبيل سجق أرانب الفاتح يوسف جبرا بعد خمس عشرة سنة بالتمام والكمال قضاها (أستاذ كمال) بالخليج معلماً بإحدى مدارسها الثانوية عاد أخيراً إلى أرض الوطن، وكأى مغترب عائد (نهائي) فقد كان شغله الشاغل الذى يستحوذ على تفكيره هو عمل (مشروع) يعيش منه أسرته ويدر عليه عائداً لا بأس به من المال.. فى خضم بحثه عن مشروع قام بسؤال جاره (حسن سلك) الذى اشتهر بأنو (خيالو واسع وكده) والذى أجابه: - شوف يا أستاذ السودانيين ديل بقو زى القرود.. تعمل ركشات يعملو ركشات.. تعمل كافتيريا يعملو كافتيريات.. تعمل محل اتصالات يعملو محلات اتصالات.. تصوير مستندات.. تصوير مستندات.. عشان كده لازم الزول لو عاوز يعمل ليهو مشروع ينحت راسو شديد وكده! - وبعدين يا (حسن ) هسه الواحد يعمل شنو؟ تفتكر يا حسن هسه أنا أعمل ياتو مشروع.. عندك ليا إقتراحات؟ - والله يا استاذ شوف عندى ليكا مشروعين (فى السلك).. ما عندهم تالت يا (إبر خياطة).. يا (سجق أرانب)! - كدى أشرح ليا يا حسن ياخى شوية شوية المشروعين ديل.. - قبل ما أشرح ليكا يا أستاذ ممكن أسألك سؤال (فى السلك)؟ - أسأل.. - فى كم ترزى فى السودان ده؟ - كتار.. - مش كل ترزى بيخيط بى إبرة! - طبعن! - خلاس تستورد ليكا (مليون إبره خياطة) ولو بعتا الإبرة الواحدة بى ألف جنيه ده براهو مليار.. بالله يا أستاذ ده مش مشروع (فى السلك)؟! - يا حسن ياخ دى قصة طويلة وعاوزه ليها توزيع وشنو وشنو، كدى ورينى المشروع التانى! - يا أستاذ إنتا لو خايف من الجمارك بتتباصر.. يعنى ممكن ندخلهم جوة (تلاجة) جوه (مكيفات) جوه بوتوجاز جوه أى حاجة ويمرو! - ياخى دى تبقى سرقة ومخالفة خلينا كدى فى المشروع التانى.. - سجق الأرانب؟ طيب قبل ما أشرحو ليك ممكن أسألك سؤال؟ - إتفضل.. - لحم الأرانب حلال واللا ما حلال؟ - حلال طبعن.. بس الناس ما متعودة عليهو.. - طيب هسه فى كم نوع بتاع (سجق) فى السوق! - شركات كتيرة.. - إنتا عارف اللحمة العاملنو بيها شنو؟ - طبعن ما عارف.. - خلاس سجق أرانب! - ياخى أشرح ليا.. - الحكاية ما عايزة ليها شرح.. والمشروع (فى السلك) ونجاحو مضمون مية المية.. تعمل ليكا مزرعة بتاعت أرانب.. الأرنبة الواحدة بتلد ليها كل يومين تلاتة (مجموعة) وتجيب ليكا مفرمة كبيرة ومكنة تكبس بيها السجق وخلاااس.. وأقول ليكا حاجة؟ - قول.. - ممكن كمان تصدر الجلود و(الفرو) بتاعهم الخارج وتطلع ليكا بى قرشين حلوين والحكاية تبقى (فى السلك)! - والأرانب الكتيرة دى ألقاها وين؟ عندنا هنا؟ - هنا شنو؟ إنتا قايل (أرانبنا) المضبلنة دى أرانب؟ والله الواحد ربع كيلو ما فيهو! - طيب نجيب أرانب من وين؟ - نستوردا من بره.. والله قالو ليك (اوزبكستان) فيها أرانب (فى السلك) مبغبغة وسمينة والأرنب الواحد يجيب ليهو ستة سبعة كيلو وكمان الأرنبة كل يومين تلاتة تلد ليها تمانية تسعة أرانب! إقتنع الأستاذ كمال بالفكرة تماماً وقام فى أقل من أسبوع بعمل إتصالات مكثفة عبر السفارة (الأوزبكستانية) بالخرطوم وإتفق مع الجهة الموردة على توريد عدد ألف (أرنب) كما قام بفتح الإعتماد بأحد البنوك فى ذات الوقت الذى قام فيه بإستئجار إحدى المزارع التى تقع على تخوم الخرطوم وإنشاء (عنابر) بالسلك الشائك و(الإكسبندا) لتكون مقراٌ للأرانب! لم يمض شهر حتى إستلم الاستاذ كمال (الأرانب) وقام بترحيلها إلى المزرعة بمساعدة (حسن سلك) الذى ذهب إلى السوق المركزى وقام بشحن عدد من الدفارات المليئة ببواقى (الخضار) من جزر وعجور وخيار وخلافه كوجبة تتناولها الأرانب! - أها يا (حسن).. مكنة السجق جاهزة وكل الحاجات والعمال إتفقنا معاهم.. نبدأ الشغل متين! - تمام يا استاذ كل حاجة (فى السلك).. بكرة طوااالى إن شاء الله! فى اليوم التالى وعند الصباح الباكر إستغل الأستاذ كمال عربته متوجاً نحو المزرعة يرافقه (حسن سلك) وما أن دخلا إلى المزرعة حتى فوجئا بالعنابر خالية من جنس (أرنب)! جلس كمال على الأرض واضعاً يديه فوق رأسه ينظر إلى العنابر فى ذهول بينما أخذ (حسن سلك) لفة حول العنابر حتى إذا ما توقف أمام أستاذ كمال الذى كان يعانى ذات الذهول خاطبه قائلاً : - إنتا العنابر دى يا أستاذ ما عملتا ليها (صبت خرسانة) فى الواطة تحت! لم يرد أستاذ كمال على سؤال (حسن سلك) الذى أمسك بالموبايل ليطلب الإسعاف! تنبيه: أيها المغترب العائد إلى أرض الوطن.. جنن تعرفو ولا جنن ما بتعرفو! الرأي العام