*إذا توفر شخص اليوم – وقد يحدث ذلك – غير مقتنع على الاطلاق بأن الأرض كروية وأنها تدور حول نفسها ، فيتعاقب الليل والنهار وأنها تدور حول الشمس فتحتلف الفصول فماذا يتوجب عليك أن تفعل لتقنعه بهذه الحقائق ؟ مهما بذلت من جهد لن يقنعه ، ومهما ترتب على هذه الحقائق فهو باطل . *الشخص أعلاه يشبه السودان وكان د.برنابا بنجامين ، يحكي طرفة عن الراحل د.جون قرنق بأن أبانا آدم (ع) السلام رجع الى الأرض برفقة جبريل (ع) وكان أبونا آدم كلما عبرا بقعة من الأرض يسأل الملاك جبريل ما هذا ؟ فيقول : هذه فرنسا . ماهذا ؟ هذه أمريكا ، ماهذا ؟ هذه بلجيكا .. وهكذا الى أن وصلا بقعة لم يجد أبونا آدم (ع) داعيا ليسأل عنها ، فقال لجبريل (ع( على سبيل التقرير :- )وهذا هو السودان( *د. جون قرنق كان يقول في (كذا) حوار «أن هذا هو السودان كما تركه أبونا آدم» وكان الطيب صالح يقول إن «هذا البلد أعطاه الله كل شيء وحرمه كل شيء» وهي جملة مقروءة مع جملة د.جون قرنق ، تعطيك نتيجة واحدة وهي أننا نراوح مكاننا منذ عهد آدم (ع) على الرغم من كل شيء حتى بعد «العمارات والأسامي الأجنبية». *وإلا فما معنى أن نظل حتى اليوم نعالج تركة «سنار» وماقبلها وربما منذ عهد «كوش» الكبير . حين تنظر مليا ، ستجد أننا – سياسيا – نخوض ذات الوحل التاريخي ، «نكون أو لا نكون» .. هل نحن أمة واحدة أم شعبان بنظام واحد ؟ هل فيدرالية أم مركزية قابضة ؟ هل خصخصة أم قطاع عام ؟ هل دولة دينية أو دولة مدنية؟ هل نحن «عرب» أم «زرقة» في سجال الهوية ، باستعارة للإنتاج المصطلحي الدارفوري الحديث ؟!! *تنتج الكوميديا هذه مهزلة الحياة السودانية في شتى مناحيها ، ثم الصلح بين الرزيقات والمسيرية ، صلحا ناجزا وتم دفع الديات لكن السنوات القادمات – إن لم تكن الشهور – ستحمل أنباء حرب بين القبيلتين ولن يحدث شيء لأن الصلح سيتم أيضا لأن التساؤل الجوهري ، ليس هو أسباب النزاع بين القبيلتين ولا مشكلات التعليم العالي ولا مجانية العلاج في المستشفيات ولا الوحدة والانفصال ولا تزوير الانتخابات أو نزاهتها ، يذهب المؤتمر الوطني من الحكم أو يجيء. *هذه ليست القضايا الجوهرية ، هذه ليست أسئلة انسان على الأرض وحين يطرح الانسان أسئلة خاطئة يظل يتخبط دون أن يعرف لماذا هو متخبط. *سألني قارئ كريم كم عدد ضحايا الحرب في الجنوب من المدنيين ؟ وهل هم شماليون أم جنوبيون؟ وذلك مثل الأسئلة التي تواجهك – إذا كنت دارفوريا - . مثلي – لا تنتمي الى إحدى الحركات : - هل تم حرق قرى في دارفور أم لا ؟ *من يضع الحصان أمام العربة ؟ إذا ابتدرت أنت حربا ضد الدولة في منزلك فقطعا الذي يخرب هو «بيت أبيك» شخصيا ؟ أم تريد أن تبتدر «نزاعا مسلحا» – وهو اسم الدلع للتمرد – في الجنوب ويروح ضحيته مدنيون في حلفا القديمة وعبرى ودلقو ؟ وإذا أردت أن تشعل ذات النزاع المسلح في دارفور ، فلن يموت الناس في سنار أو أم شديدة !! فالحرب هي «ماعلمتم وذقتموا» كما قال زهير بن أبي سلمى (المرة دي صاح يا حسين خوجلي( *الركاكة هذه .. هي التي تضع العربة أمام الحصان فنظل دائرين في مشكلات ترجع الى عهد أبينا آدم ، أو نوح (عليهما السلام) ويظل د. جون قرنق يردد أنه السودان كما تركه أبونا آدم جزء من تركيب الشخصية السودانية ، المترددة ، المراوغة ، الدائرة حول نفسها مثل «تور الساقية» أو «مثل إبل الرحيل الشايلة السقا وعطشانة» كما يقول الشايقية . *ومع ذلك تظل الأرض كروية تدور حول نفسها تدور حول الشمس ، و)الساقية لسة مدورة) والسلام على أبينا آدم وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم . الحقيقة