إستفهامات ما أقبح أسواق الخرطوم!! أحمد المصطفى إبراهيم المتجول في وسط الخرطوم وخصوصاً بعد ساعات العمل الرسمية - أي عصراً - قد يفقد عقله، إن كان مستقلاً لسيارة لن يجد طريقاً يمر فيه بسهولة، حيث تتحوّل كل الشوارع إلى بضائع، وإن كان ماشياً على رجليه سيجد نفسه كمن يتجوّل في منى أيام الحج.. ليس إزعاج ضيق الشوارع وحده الذي يضيق النفس، بل زادوا عليه إزعاجاً بمايكروفونات مسجلة عليها عبارة تَتَكرّر آلياً بلا انقطاع وأحياناً بأصواتٍ غير رخيمة..! طَيِّب لماذا الأمر عصراً وليس صباحاً..؟ ببساطة ينتهي وقت عمال المحليات بنهاية الدوام عند الثالثة أو الرابعة ويعلم الباعة الجائلون ذلك، ويعملون بلا رقيب وبلا حسيب إلى أن يملوا حتى المساء. غير أنّ جديدي اليوم ليس تفعيل القوانين التي تمنع البيع في الطرقات فهذا معلوم بالضرورة ولم يأتِ بنتائج، كلما منعوا بقانون عادوا ثانيةً، إلى أن مَلّت الشرطة لعبة القط والفأر مع هؤلاء.. أرى أنّ مال ولاية الخرطوم هذه ليس مالها وحدها، فمال ولايات الجوار جله يُصب في الخرطوم وهذا تشوّه اقتصادي يحتاج علاجه إلى دراسات عميقة. لكننا نقول لو عملت الخرطوم بطريقة الوقاية خير من العلاج وذهبت لمنبع هؤلاء الباعة الجائلين، وعرفت أسباب نزوحهم سيكون في الأمر خير كثير.. قد يكون الأمر مساعدة في توصيل كهرباء أو حفر بئر أو بئرين أو أو زراعة مرعى ضخم ليسهل تربية الحيوان، أو مصنع جِبْنة يُصب فيه لبن لا يعرف منتجوه أين يذهبون به. مطاردة هؤلاء الباعة المفترشين للأرض، المُضيّقين للشوارع، ولأولئك الواقفين عند إشارات المرور يبيعون مناديل الورق والماء البارد الذي هُم في أشد الحاجة إليه \"لنحال\" أجسامهم ووقوفهم في حَرٍ شديدٍ.. الغريب أنّ هؤلاء يستهدفون أصحاب السيارات غير المكيّفة – مثلي – وكأنّهم يشفقون عليهم من العطش وهم وقوف في حَر أشد من حرارة السيارة غير المكيّفة وبأحذية بلاستيكية تُذكِّرك بأقل الناس عذاباً يوم القيامة رجل تحت قدميه جمرتان تغلي منهما دماغه، هؤلاء بينهم وأسفلت الخرطوم بلاستيك يزيد الحرارة ولا يعزلها. مطاردة هؤلاء ليست حلاً والشفقة عليهم بلا بحث عن علاج أيضاً ليست حلاً..! كيف تقبل الخرطوم هذه الهجرة المستمرة..؟ وكلما خططت خُطة إسكانية امتلأت وقالت هل من مزيد..! مستشفى في جنوب الجزيرة ونثر بذور وسقايتها في البطانة ونثر بذور وسقايتها في شمال كردفان ومثل هذه المشاريع تخفف النزوح ما دمنا عجزنا عن قيام اقتصاد ينهض بكل السودان في خطوط مُتوازية وعدالة، أما ان تستأثر الخرطوم بأكثر من (70%) من أموال البلاد سينطبق عليها قول توفيق صالح جبريل في الدامر: (يا دامر المجذوب لا أنتِ قرية بداوتها تبدو ولا أنتِِ بندر)..! التيار