** شركة أرياب تطالب الحكومة بإيقاف التنقيب العشوائي للذهب ، وتصفه بالمهدد الأمني للشركة.. والتنقيب العشوائي المعني هنا هو ما يحدث بولاية نهر النيل منذ نصف عام تقريبا ، حيث فتحت الولاية بالتنسيق مع المحليات فرص التنقيب لمن يشاء وكيفما يشاء ، مقابل رسوم تتقاسمها السلطات هناك فيما بينها ، وبعدها ينطلق المواطن بعربته في فيافي نهر النيل حاملا كل أدوات التنقيب العشوائي ، بحثا عن الذهب ..هذا ما يحدث في نهر النيل ، ولايحدث في البحر الأحمر ، حيث شركة أرياب هي التي تحتكر حق التنقيب هناك .. وما يدهشني هنا هو لماذا لا تفتح السلطات فرص التنقيب العشوائي لكل من يمتلك ذهبا في باطن أرض ولايته ، مواطنا بالبحر الأحمر كان أو مواطنا بنهر النيل ..؟.. بمعنى : لماذا تعجز الدولة عن تحقيق العدل والمساواة حتى في ( التنقيب العشوائي ) ..؟؟ ** والسؤال غير البريء هذا ليس لتشجيع الأفعال العشوائية ، تنقيبا للذهب كان أو غيره ، فالبلد لاتنقصها الأفعال والسياسيات العشوائية ، لقد اكتفينا منها ذاتيا وبوسعنا تصديرها بحيث يكتفي العالم أيضا ، ولذلك يجب ألا يفسر ذاك السؤال بأنه مناشدة ل(زيادة الطين بلة ) .. لا ، ما هكذا القصد ، فالمقصد هو تنبيه الدولة على المخاطر التي يحدثها أي فعل عشوائي على صحة الإنسان وعافية اقتصاد البلد ، ولو أن أية جهة صحية وأخرى اقتصادية أجريتا دراسة وتحليلا عما حدث ويحدث في فيافي نهر النيل لأثبتتا أن الأضرار التي تلحق بصحة المواطن واقتصاد الوطن هناك أكبر من المنافع ، ولكن ولاة أمر تلك الولاية - كما غيرهم - مصابون بقصر النظر ، بحيث يتراءى لهم كل لمعان في الفيافي ذهبا ، وما ضرهم بعد ذلك أن تمتلئ رئات الناس وأعينهم بغبار الأتربة وذرات الزئبق ..ما ضر ولاة أمر نهر النيل الضرر الذي يصيب المواطن ، فالأمر عندهم - أولا وأخيرا - هو أن تكون رسوم التنقيب العشوائي مدفوعة نقدا من قبل هذا المواطن ، وبعد الدفع ( حريقة فيهو ) ..هكذا نهج السلطات الولائية والمحلية ، ولذلك يتواصل مد التنقيب العشوائي ..!! ** ثم قالت نيفاشا أن ثروات باطن الأرض اتحادية ، ذهبا في الشرق والشمال كان أو بترولا في الجنوب ، واتحادية تعني - بالبلدي كدة - أن تدار تلك الثروات ، تنقيبا واستغلالا ، بواسطة السلطة الاتحادية الكائنة بالخرطوم ، وليست تلك التي ببربر والدامر وشندي ، حيث منها تصدر تصاديق التنقيب العشوائي تحت سمع وبصر السلطة الاتحادية المناط بها إدارة عمليات تنقيب ذهب نهر النيل ، كما تفعل في البحر الأحمر بواسطة شركة أرياب .. وثمة سؤال هنا ، وهو غير بريء أيضا ، لماذا وجدت نيفاشا وما فيها من نص إدارة ثروات باطن الأرض ، تقديرا واحتراما وتنفيذا في بترول الجنوب وذهب الشرق ، ولم تجد ذاك التقدير ولاذاك الاحترام ولاذاك التنفيذ في ذهب نهر النيل.؟.. يعني مثلا : هل الدستور الذي يحكم والي نهر النيل ورؤساء محلياته الذين يديرون عمليات التنقيب هناك ، يختلف عن الدستور الذي يحكم كل أهل السودان وولاتهم وذهبهم ونفطهم ..؟.. بالتأكيد دستورهم لايختلف عن دستور السودان ، ولكن هناك شيء ما - أو قل : خلل ما - في مكان ما بأجهزة الدولة ، يظهر دستورهم مختلفا ، وهذا ما وجب ..( التنويه والتنبيه ) ..!! ** نرجع لشركة أرياب واتهامها للتنقيب العشوائي بأنه مهدد وهاجس أمني للشركة .. لم أفهم كيف يهدد مواطن بنهر النيل أمن شركة بالبحر الأحمر ، دع عنك بعد المسافة ، فالمواطن لايخرج إلى فيافي نهر النيل مسلحا بالمدافع والراجمات والدبابات ، بل ب(الطورية والجردل ) .. فهل هذه وتلك صارتا من المهددات الأمنية ..؟.. بالتأكيد لا ، فالشركة تريد أن تقول بأن التنقيب العشوائي يهدد الاحكتار التي تتمتع به ، ولكنها تستحي من قول كهذا ، ولذلك لوحت بالهاجس الأمني كتبرير لرفض التنقيب العشوائي ، وكان يجب عليها أن تكون صريحة بحيث تلوح بالهاجس الاقتصادي .. وعليه ، يجب إيقاف هذا التنقيب العشوائي وكذلك ذاك الاحتكار ، وذلك بأن تحسن السلطة الاتحادية إدارة عمليات التنقيب بفتح فرص التنقيب لكل الشركات - أجنبية كانت أوسودانية - بشفافية ونزاهة وعدالة .. أي ، بلا احتكار في البحر الأحمر وكذلك بلا محاباة في نهر النيل ..!! صحيفة الحقيقة