تراسيم.. دولار.. ريال.. شيك سياحي !! عبد الباقي الظافر السودانيون يحتفون بيوم الخميس ..فيه يتزوجون وعلى تخوم ليله يسهرون ..الشاب مجدي كان قد عاد من تمرين رياضي جمعه إلى زمرة من أصدقائه ..بدأ يعد نفسه لأن يستصحب والدته في مشوار اجتماعي ..قبل أن يبدأ مسيرة البِر هذه تم اعتقاله بتهمة الإتجار في العملات الأجنبية ..في نوفمبر 1989قضت المحكمة الخاصة رقم واحد بإعدامه شنقا حتى الموت ..وقبل أن يعتلي مجدي محجوب المِقصلة ابتسم ..وكتب في وصيته أن تُسدد كل ديونه ..وأن تتصدق أسرته بما تبقى من مال على ذوي الحاجات. صدر تقرير من البنك الدولي في أغسطس الماضي ..يفيد بأنّ الاقتصاد السوداني قد ارتقى مراتب عليا في قائمة الاقتصاد العالمي ..وأنه أصبح في المرتبة الرابعة والستين على مستوى العالم ..وأمس الأول خرج تقرير آخر يؤكد أنّ الناتج المحلي قد تضاعف خمس مرات وبلغ خمسة وخمسين ملياراً من الدولارات ..والواقع يقول رغم كثير من الاحتقانات السياسية ..إلاَّ أنّ السودان أصبح دولة جاذبة للاستثمار الأجنبي ..وأنّ مستوى دخل الفرد قد تضاعف مقارنة بأيام مضت ..وأنّ الاقتصاد هو الملف الوحيد الذي تتكىءعليه الانقاذ. ينسب البعض هذا النجاح والتميز إلى تدفق البترول السوداني ..ولكن في الحقيقة كان مرد ذلك أيضاً لسياسة تحرير الاقتصاد ..هذه السياسة شجعت كثيراً من الرساميل العربية لتهبط أرض السودان ..وتجرب حظها في الأسواق السودانية. ولكن الحكومة بدأت فيما يبدو التراجع عن حرية الأسواق ..وبدأت تستخدم ذات الحلول القديمة في التعاطي مع مشكلة متجددة ..والأخبار تقول إنّ الحكومة شنّت حملة مطاردة منظمة على بعض تجار العملة ..وزجّت بفريق منهم وراء القضبان بحجّة المضاربة في أسعار العملات الأجنبية. والحقيقة أنّ الاقتصاد السوداني حقق قمة نجاحه في ظل حرية تداول العملات.. والمسكوت عنه أنّ سعر السوق الأسود هو السعر الحقيقي للدولار وغيره من العملات الأجنبية ..وأنّ هذا السعر تحدده آلية العرض والطلب اليومية في بورصة العملات. وفي تقديري أنّ تحميل مجموعة محدودة من الأفراد مسؤولية انخفاض قيمة الجنيه السوداني هو هروب من مواجهة الواقع ..وأنّ الدولة بمقدورها ووفق سياسات كلية ..أن تسهم في استقرار أسعار العملات الأجنبية ..عبر ضخ أكبر قدر من العملات الأجنبية في السوق ..واستحداث سياسات جديدة تقلل من الطلب على العملات الأجنبية.. السودانيون الآن ينفقون (الشيء الفلاني) على طلب العلاج في الخارج ..وبمقدور الحكومة أن تُوطِّن العلاج بالداخل ..إن طابت النوايا وبُعد مدى الرؤية. مايحتاجه الاقتصاد السوداني الآن مزيداً من الثقة ..ثقة تجذب المزيد من الأثرياء ..ولكن للأسف الحكومة تمضي في الاتجاه المُغاير. التيار