كشفت جولة للصحافة عن تزايد (تجارة العملة) بوسط الخرطوم وعزا التجار الزيادة إلى زيادة حجم الطلب على العملات الأجنبية في الفترة الاخيرة بعد انتهاء الانتخابات، حيث ان كثيراً من التجار فضلوا تجميد انشطتهم الاستيرادية قبل واثناء الانتخابات وعاودوها الآن مما زاد الطلب على العملات الأجنبية لا سيما الدولار بجانب أن كثيراً من الأفراد والعائلات يقدمون على قضاء فترة الصيف في الخارج مما اسهم ايضا في زيادة الطلب على الدولار والعملات الأجنبية في السوق الموازي. ويرى التجار أن البنك المركزي وسياساته اسهمت في ذلك حيث انه لو اطلق العنان للصرافات بإعطاء العملات الأجنبية بوفرة لكل من يطلبها لما ذهب مواطن للبحث عنها خارج الأطر المصرفية المعروفة فيما اتهم بعض الحادبين على مصلحة الاقتصاد الكلي الجهات المسؤولة بالقصور في أداء دورها في مراقبة سوق الصرف. وعادت صفوف التزاحم على أبواب الصرافات للحصول على بعض من العملات الحرة وفقا لما حددته توجيهات وسياسات البنك المركزي بألا يتعدى سقف المنح ألف يورو بعد إبراز جواز سفر به تأشيره سارية مصحوبة بحجز مؤكد، فيما نفى القائمون على أمر الوكالات وجود شح في العملات الأجنبية بالصرافات وعزوا التزاحم بالصرافات إلى كبر عدد طالبي العملات الأجنبية علاوة على انتهاج الصرافات إجراءات صارمة للتأكد من سلامة وتوفر المطلوبات لمنح العملات المطلوبة واتفق طالبو الخدمة مع إفادات أصحاب الصرافات أنه ليس هناك مشكلة في النقد الأجنبي بل التزاحم مرجعه لبروقراطية الإجراءات التي تتبعها الصرافات للتأكد من سلامة المطلوبات لمنح العملات الأجنبية وطالبوا بفتح باب صرف العملات الأجنبية إلى البنوك حتى لا يتكدس المواطنون على أبواب الصرافات محدودة العدد مقارنة بطالبي العملات الأجنبية. فبشارع القصر الجمهورية وقفت الصحافة مع عدد من الجالسين على صف الانتظار باحدى الصرافات للحصول على القدر المحدد من العملات الصعبة فقال محمد التجاني إنه ليس هناك نقص في النقد الأجنبي إنما مرجع طول الصف إلى كثرة طالبي العملات الأجنبية وبطء الإجراءات التي تتبعها الصرافة للتأكد من توفر شروط منح العملات الأجنبية بجانب أن الصرافة تتبع نظام التذاكر للدخول إليها بغية التنظيم وأشار إلى أن السقف المحدد للعملات الممنوحة هو ألف يورو أو ما يعادلها وأن من يريد أكثر من ذلك عليه إبراز شهادة من القومسيون الطبي تؤكد حالته الصحية وحاجته للسفر إلى الخارج وفيما عدا ذلك لا يسمح للصرافة بمنح أكثر من الألف يورو. وفي منطقة شرقي الجامع الكبير وجنوب برج البركة حيث يكثر من يعرفون بتجار العملة الذين تجدهم يحملون مبالغَ كبيرة من الجنيهات السودانية بين أيديهم وينادون على المارين بعبارة (ريال - شيك - سياحي) فقال أحدهم عن الحركة بالسوق إنها كانت ضعيفة خلال الأيام الماضية بسبب الانتخابات إلا أنها بدأت تعود إلى وضعها الطبيعي في اليومين الماضيين بقوة جراء زيادة عدد طالبي التحويل أو البيع أو الشراء وأوضح أن سعر الريال السعودي 700 جنيه والدولار الأمريكي 2700 جنيه واليورو 3300 جنيه والجنيه الاسترليني 3500 جنيه فيما تباع بالصرافات والمصارف بواقع 2356جنيه للدولار الأمريكي و3144 جنيه لليورو و622 جنيه للريال السعودي واشتكى من كثرة حملات المكافحة التي تشنها وحدات الأمن الاقتصادي عليهم وأضاف أنهم يبحثون عن رزقهم ودعا الحكومة لتوفير العملات الحرة بالصرافات حتى لا يلجأ الناس للبحث عند التجار والسماسرة وأوضح أن ظاهرة تجارة العملة لن تختفي من الساحة إلا إذا وفرت الحكومة العملات الصعبة لكل من يطلبها من المواطنين عبر القنوات الرسمية . وبشارع الجمهورية وأمام إحدى الصرافات المعروفة يقول الهادي الحسن الذي ينوي السفر إلى القاهرة إنه ظل منتظرا أمام الصرافة منذ الصباح الباكر حتى الساعة الثانية عشر ولم يأتِ دوره في الحصول على مبتغاه من العملات الحرة وأوضح لنا أنه مسافر إلى القاهرة في غضون الأيام القادمة وأنه لا سبيل إلى ذلك إذا لم يتحصل على عملات حرة وتساءل عن هل فعلا يوجد شح في العملات الحرة أم أن عقم الإجراءات هو السبب وراء التكدس والتزاحم أمام الصرافات ؟ أما محمد ابراهيم الذي ينوي السفر إلى سوريا أوضح أنه لا يجد تفسيرا لتكدس الناس أمام الصرافات في ظل تصريحات المسؤولين بالجهاز المصرفي بالبنك المركزي والصرافات سوى أن ثمة ممارسات خفية تجرى أو أن شحا في العملات الحرة لم يعلن عنه رسميا وطالب بأن تضع الجهات المسؤولة المواطنين في الصورة بكل شفافية بعيدا عن الضبابية والغموض . فيما أوضح لنا هيثم عثمان المتجه إلى دبي أن الصرافات تتعامل مع طالبي الخدمة بقدر كبير من العشوائية إذ أنه كان يتوجب تنظيم أو تقسيم الجمهور إلى فئات أو عدد معين للتعامل معه حتى لا يظل الواحد منهم منتظرا بالصف وهو لا يعلم ما إذا كان سيحصل على ما يطلبه من عملات حرة أم لا. فيما يرى الدكتور محمد الناير أن بنك السودان المركزي إذا لم يلغ القيود التي فرضها على النقد الأجنبي خلال العام 2009 لن تحل مشكلة العملات الأجنبية ولن تنتهي ظاهرة السوق الموازي ولن تختفي الصفوف أمام الصرافات، وأضاف أن الواضح من خلال القراءات لأسعار النفط العالمية أنها ظلت منذ بداية العام 2010 فوق ال (70-85) دولار للبرميل وهذا يؤكد أن هناك فائضاً في حساب أسعار التركيز للبترول بواقع (25- 30) دولار لكل برميل وهذا من شأنه بناء احتياطي مقدر من العملات الأجنبية بخزينة البنك المركزي وتساءل ما الذي يمنع المركزي من ضخ كميات مناسبة من العملات الأجنبية لمقابلة الطلب عليها وإلغاء القيود التي فرضها لأسباب كانت موضوعية فى حينها فما الذى يغرى على الاستمرار بها رغم تغير الظروف التى قادت لفرضها .