بسم الله الرحمن الرحيم الوفاء بعهد الله د. طه بامكار . [email protected] لقتلهم الأنبياء بغير حقٍ ولفسادهم في الأرض وتحريفهم للكتاب ولقولهم لموسى أرنا الله جهرةً ولخوفهم وتخاذلهم عند الابتلاء وقولهم لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون سطر الإسرائيليون تاريخا مشوها بكل المعايير، تاريخا تتناقله الأجيال بدهشة كبيرة. الغريب إنهم يكررون تجربة نقضهم للعهود حتى يومنا هذا. سجل القران الكثير من المشاهد الساكنة والمتحركة لبني إسرائيل حتى يتعظ الناس ولا تتكرر تجربة الفرعون الرجل الإله. نعم يمكن أن تتكرر هذه النسخة من حياة الذلة والمهانة إذا غابت الحرية وغابت الشورى وقبل الناس التعليمات من علٍ ،وقبلوا أن يروا ما يراه الحاكم ويهتدوا بهديه سبيل الرشاد. أنعم الله علي بني إسرائيل كثيرا وظلل عليهم الغمام وانزل لهم المن والسلوى بل أنزل لهم مائدة من السماء. وعند استسقائهم فجرت عصا موسى بإذن الله الماء من الحجر الأصم اثنتا عشرة عينا وقد علم كل أناس مشربهم، ونفس هذه العصا هزمت كيد السحرة يوم حشر فرعون الناس ضحي، ونفس هذه العصا شقت لهم طريقا يبسا في وسط البحر وفرقت لهم البحر طودين عظيمين ليمروا هم بسلام ويغرق فرعونهم أمام أعينهم، ولكن بعد كل هذه الآيات صنعوا بأيديهم إلهاً جديدا عجلا له خوار وقالوا لموسى عليه الصلاة والسلام لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة. هكذا كان تاريخ بني إسرائيل وهذه بعض سكناتهم وحركاتهم التي سجلها القران الكريم فتاريخ هؤلاء يستحق المراجعة وإعادة القراءة مرات ومرات حتى لا تتكرر التجربة المأساة. ولأنهم أكثر الناس نصيبا في عدد الرسل حسب بنو إسرائيل أنهم شعب الله المختار، وأنهم مهما فعلوا سيدخلون الجنة، وأقساهم عذابا سيكون في النار لأيامٍ قليلة ثم يدخل الجنة، هذا ما نقوله أو نحسبه أو نعتقده نحن المسلمين أيضا ، وهذا ما كان يكتبه علماء بني إسرائيل بأيديهم ليشتروا به ثمنا قليلا (وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ). ولكن الله يحسم هذا الجدل العقيم لنا ولهم ويقول ويبين طريقة القبول للعمل الصالح ودخول الجنة (بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ). الذي يكسب السيئات حتى تحيط به خطيئته، ويحيا ويتنفس في محيط السيئات مصيره النار خالدا فيها. أما الذين يعيشون مؤمنين ويتبعون العمل الصالح فهم أهلٌ للجنة. ( وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ). أشاع علماء بني إسرائيل وسط التُبَع والأميين من شعبهم أنهم أحباء الله وأصفيائه وأن الدار الآخرة خالصةً لهم من دون الناس ولكن الله فند هذه الفكرة وهذا المعتقد المعوج وتحداهم ( قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ عِندَ اللّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ). فالذي يتوقع مقاما خالدا في الجنة يتوق إليها ويتمني لقاء الله. ولكن الله يعلم أن الظالمين لكاذبون (وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ). الظالم دائما حريص جدا علي حياته في الدنيا فيتمني أن يخلد فيها لأنه يعلم تماما أن مصيره أسود في الآخرة (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ). الظالم حريص جدا علي أي نوع من الحياة حتى إن كانت حياة كالأنعام. وبني إسرائيل والذين أشركوا أحرص الناس علي ذلك ويود أحدهم لو يعمر ألف سنة. هذه الحياة وهذا العناد وهذا التهاون بنعم الله يمكن أن يتكرر في كل عصر وفي كل أمة فالخطأ هو الخطأ والمعصية هي المعصية إذا جاء من يهودي أو مسيحي أو مسلم. فالذي يشتري بآيات الله ثمنا قليلا ولا يفي بعهد الله يكون قد كرر خطأ بني إسرائيل ومصيره مثل مصيرهم وإن كان مسلما(يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ* وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ). تري كم من الدول العربية والدول الإسلامية أوفت بعهد الله؟ وكم منها اشترت بآيات الله ثمنا قليلا؟ وكم منها تخاف الله وتتقيه في دستورها ونظام حكمها؟ وكم من الحكام يلبس الحق بالباطل ويكتم الحق وهو يعلم؟ وكم من الحكام يأمر الناس بالبر وينسي نفسه وهو يتلو كتاب الله؟ وكم منهم يستعين بالصبر والصلاة؟ وكم منهم يظن أنه ملاقٍ ربه وإنه إليه راجع؟ وكم منهم يخاف يوما لا تجزي نفسٌ عن نفسٍ شيئا ولا تقبل فيه شفاعة ويكون فيه الحكم لله الواحد القهار؟..... إذا كررنا التجربة فالله سبحانه وتعالي يقول (سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ