[email protected] إذا رأيت أسنان السوداني بارزةً فلا تظن انه يبتسم، فمن المغصة ما تجعله بيتسم غصباً عن اللي خلفوه ... لا نعلم المنطق والنهج الذي تسير به الدولة ويُسيّر به المواطن .. عزيزي القارئ ألا تحس معي أن الأمور في دولتنا منهجها بالمقلوب، وعندما نحاول تفسيره نفشل وتتحجر عقولنا بسبب أن التفسير لا يقبل المنطق، فزمن المنطق قد ولى وباتت الأشياء تُحلل بمنطق يتناسب مع الجو السائد في البلد.. إن الظواهر والمشاهدات البائنة للعيان هي بمثابة دليل واضح على غياب المنطق والواقعية، وأصبحنا نعيش في زمن المتناقضات، فواحد زائد واحد لا يساوي اثنان، دا كان زمان، الآن واحد زائد واحد يساوي عشرة، قول عشرين، وقد لا يساوي شيئاً... كيف نفسّر دولة منتجة للسكر يشكو مواطنوها من غلائه وزيادة سعره صباح كل يوم، في حين الدول المستورة واخص الخليجية تعتبر سلعة السكر أرخص بأضعاف من دولتنا المنتجة .. الموظف في وطننا الحبيب حين يبلغ الستين يُحال للمعاش، وإن كان مسؤولاً ( ليهو ضهر ) يُحال للمعاش بعد الوفاة... يقال أن التعليم مجاني وخاصة المرحلة الابتدائية، وحين يدخل الطالب المدرسة يحرم من الامتحانات بدواعي أنه لم يدفع الرسوم .. النساء المطلقات والأرامل الدولة لا تتكفل بهن وإن ادعت ذلك، وما أن يفكرن بالرزق الحلال ويبعن الشاي في الأماكن العامة تتصيدهم (الكشات)، ولا يتركن لهن إلا (حق الرجعة) .. سد مروي الذي أثار ضجة واسعة في القرى والحضر، تنبأ المواطنون أن البلد دخل عهداً جديداً حيث لا انقطاع للكهرباء بعد اليوم، والانقطاع الحقيقي بدأ بعد تشغيل توربينات السد.. المغترب منذ أن تطأ قدماه دول المهجر يدفع ضرائب وزكاة ورسوم خدمات ورسوم خدمة إلزامية وغيرها من مسميات تحصيل الرسوم، وحين استقراره في أرض الوطن لا تقدم له الدولة شيئاً بل تراقبه وقد تشمت فيه وهو ينحدر نحو مستنقع المعاناة بسرعة مئة كيلو في الثانية.. رجال العلم، أفنوا جّل أعمارهم في العلم والتحصيل والخبرة، لا يجدون عملاً يليق بمكانتهم العلمية، في حين أن بعضاً من الشباب حديثي التخرج يتبوأون مراكز ومواقع قيادية لا تتناسب ومستوى شهاداتهم وخبراتهم .. المدارس الحكومية في اغلبها لا تتناسب وغير مؤهلة للتحصيل العلمي، في حين المدارس الخاصة في كامل عدتها وعتادها، وتضطر الأسر المغلوبة على أمرها الحريصة على تعليم أبنائها إلى التوجه للمدارس الخاصة بالرغم من الرسوم الباهظة التي تتكبدها، الأمر الذي يجعل معاناتها تتضاعف في الوقت الذي تتصارع فيه من أجل البقاء... شريحة لا يستهان بها من مالكي الحافلات والباصات، جاءوا بهذه المركبات للكسب الحلال المشروع، وفي ذات صباح ليس له ملامح إذ بالشوارع تستقبل باصات جديدة حديثة مكيفة، وما أن تقف في محطة إلا وتجد تلك المحطة خاوية على عروشها، الأمر الذي جعل بعض أصحاب الحافلات والباصات أن يعيدوا نظر في مصدر رزقهم، في دولتنا مصدر الرزق اليوم لا يستمر للغد، فالقوانين تتغير والحياة المعيشية تتبدل، فمصدر الدخل لك أن تفرح به في أيامه الأولى، بمعنى أن تكون مواكباً بحيث تُغير مصدر دخلك في كل خمسة شهور ضوئية.... الجامعات، إن كنت بارعاً في الحساب عزيزي القارئ، أحسب، كم عدد الجامعات السودانية، وكم عدد الكليات التي تحتويها، والكلية الواحدة كم عدد من الطلاب تضم، هذا في السنة الواحدة، ما بالك بعدد من السنوات وهي عمر تلك الجامعات... جامعاتنا تهتم بالكم لا بالكيف، فأغلبية الخريجين لا تتناسب شهاداتهم مع سوق العمل، والجامعات تفرخ لنا حاملي شهادات وليس متطلبات سوق... لنتعرج للموظف الحاوي الذي يكفيه الراتب ليومين فطور في الشهر ومواصلات اسبوع وشاي لبن باللقيمات في أول يوم جمعة بعد صرف المحروس (الراتب)، فعلاً.. واقع غير منطقي.