حديث المدينة حكومة .. وأهالي ..!! عثمان ميرغني المهندس مبارك محمد أحمد، المدير العام للمركز القومي للمعلومات، زار أمس مكتب تسجيلات الأراضي بمدينة بحري التابع للسلطة القضائية.. لفت انتباهه أنّ المواطنين الذين كانوا يباشرون إجراءاتهم في المكتب كانوا في صالة أنيقة، مُكيّفة، في أحسن حال.. وفي وضع ليس بأقلّ من دعة الحال التي عليها موظفو المكتب. هذا المسلك الحكومي يجب أن يتمدّد في كل معاملات المكاتب الحكومية مع المواطنين.. أسوأ إدارة حكومية هي تلك التي يجلس موظفوها في مكتب أنيق، عليل النسيم من المكيفات الهادرة طوال الوقت.. بينما جمهور المتعاملين معها في هجير الشمس ينتظرون إكمال اجراءاتهم .. كما هو الحال في مكاتب وزارة التعليم العام التي يستخرج منها أبناؤنا الطلاب الشهادات وأوارقهم الأكاديمية الأخرى. المواطن هو صاحب المال والسلطة التي تنعم بها مكاتب الحكومة وموظفوها.. وهو المستهدف بالخدمة.. فليس أقلّ من أن يجد في كل إدارة حكومية أفضل استقبال، وأسعد مقام حتى تكتمل إجراءاته التي جاءت به إلى المكتب. لكن عندما تفترض العقلية الإدارية أنّ الموظف هو السيّد في الموقع.. وأنّ المواطنين الذين تقتضي أقدارهم أن يقضوا معاملاتهم في الإدارة هم مجرّد (شعب) يجوز في حقه الازدراء والتعالي، وأن يصبر على الكدر والتكدير فأنّ العلاقة الحصيفة بين المواطن والحكومة تتعرّض لهزيمة تجعلها دائماً علاقة (توم آند جيري) .. يفترض الموطن في ضميره أنّ الحكومة شيءٌ.. وهو شيءٌ آخر.. فالمال العام.. مثلاً مصابيح الإنارة في الشارع، أو الهواتف العامة، أو حتى المباني الحكومية .. تصبح في ضمير المواطن ممتلكات أخرى لا علاقة له بها فيسيء استخدامها بأخرب ما تيسّر.. وهذا واضح في الشارع العام.. ما أسهل أن تتعرّض الممتلكات العامة للتلف أو في الحقيقة (الإتلاف). ليت المصالح الحكومة تضع المواطن في أفضل مكان يليق به إذا جاء طالباً لخدمة.. وليت الوزير الأستاذ كمال عبد اللطيف وزير التنمية البشرية يُصمّم معادلة في الخدمة المدنية تجعل المواطن دائماً مخدوماً لا خادماً كلّما عبر بمكتب رسمي.. من الاستقبال في أي إدارة حكومية إلى أرفع وظيفة لابدّ من أن تُفرض لوائح تلزم الموظف أن (يخدم!) المواطن بأعلى احترام .. وأقلّ صلف.. ولتكن البداية من وزارة التعليم، ومكاتب استخراج الشهادة السودانية.. فهي برهان كبير على ما يلاقيه المواطن عندما يكون في مواجهة (موظف) الخدمة العامة.. إذهبوا بأنفسكم وشاهدوا على الطبيعة رمي الجمرات في مكاتب استخراج الشهادة السودانية.. !! التيار