ملاحظات تقرير المصير الخروج من توابيت الشلل: سيناريو موكب شعبي لاعتذار تاريخي وتأكيد لضمان استقرار الوطن بالوحدة د. بركات موسي الحواتي (1) قضايا المصير في أية دولة من الدول تتجاوز النصوص المجردة الى فضاء أوسع يشكل (المواطن) نواته الأولى وليس في ذلك ما يقدح في شرعية السلطة السياسية: العكس تماما صحيح فانه يؤكد على قوة الحكم ولم يكن صدفة ابداً، حين تجاوز بنا التناحر مداه، ان انشبت القوى الاقليمية والدولية أظافرها الحادة في لحم سيادتنا فأنتاشته وليبدو واقعنا السياسي في القراءة الخارجية هشا، بالامكان اختراقه، سواء بالقوة العسكرية تحت ظل الشرعية الدولية أو باسم الدبلوماسية الناعمة، في عديد من مجالات العلاقات الدولية وليس بعيدا عن كل ذلك النصوص التي وردت بحق تقرير المصير في اتفاقية نيفاشا او تلك التي اطبقت على دارفور تحت الفصل السابع من صلاحيات مجلس الامن، في حين لم تكن أي من الازمتين، سوى مخاض طبيعي، لتطور ونمو الشعوب، في ظل متغيرات حادة، كان بالامكان تجاوزها فالحلول لم تكن بعيدة المنال، بقراءة جادة لحركة التاريخ. (2) صار تقرير المصير بالنسبة للجنوب، وعلى تداعيات ممكنة لذلك في كل من أبيي وجنوب كردفان وجنوب النيل الازرق واقعا دستوريا ملزما ولا تبدو في افق مفاوضات دارفور غير آمال، سرعان ما يدفعها، موج مفاجئ الى بداية المربع او ربما الى ما قبله وهي بين هذا وذاك في مهب الريح: سوق الواقع الدستوري الاول الى الالتزام الصارم، وفق اجراءاته المحددة بنتائجه، حسبما نص الدستور الانتقالي لسنة 5002م ولم يمنع ذات الدستور العمل على الخطوات المقنعة بالوحدة، ونحسبه عملا صعبا ولكنه ليس مستحيلا مجرد علمية انتخابية لتداول السلطة، يجوز التنادي لها، بالاحتفائيات الموسمية: الاستفتاء عملية مصيرية تحدد شكل دولة السودان، هل يظل موحدا، ام يقفر احدى مكوناته التاريخية والثقافية الى واقع الدولة الوليدة، سواء بجوار ملتهب او بجوار مسالم. (3) بدأ عدد من الذين يكتبون في سرديات تنص ما يمكنه ان يكون زلزلة دامية، وتصدى آخرون، اعتادوا حمى لحظات التوتر، باقامة سرادق التباكي والنقد والاجتراح، وتكدست فيما لا يتجاوز العاصمة الاتحادية، منتديات تلحق بركب البواكي سواء في انفعال صادق او افتعال ظاهر، تبديه الرغبات الجامحة هل ثمة حسابات «موضوعية» في احتمالات وترجيح اختيار أي من كفتي الوحدة او الانفصال. هل ثمة قراءة (موضوعية) لمؤشرات البعد النفسي في تاريخ العلاقة الإثنوثقافية بين الشمال والجنوب مع الاعتراف الصريح بشرائح تداخلت بالفعل هنا وهناك.. مدى الأثر.. مدى النفوذ!! هل استطاعت (حمى) حراك النخب.. باتجاه (الوحدة الجاذبة) ان تلم بكل ادبيات التاريخ السياسي.. الذي أفرز الحركة العسكرية.. منذ 81 أغسطس 5591م وان تستخلص لنا في شجاعة ما تستدعيه ذاكرة اهل الجنوب في هذا الشأن.. وقبل ذلك وبالضرورة مدركات أهل الشمال.. تجاه المسألة. (4) حين يغيب العقل.. تتمطى النصوص الباردة، على ارادة افراد الوطن، ويصيب الشلل اعصاب حركته، ولقد يمتد العمى الى عينيه.. وحينها ينعق البوم نعيق الخراب فلا يكون الواقع غير احتراب دام يستعيد دفعة من تاريخ مقيت مضى.. نقلته الاجيال لما يليها.. باسم مانفستو الانتقام.. وكثير من التصريحات لا تحمل غير تلك الصورة غير الموفقة. العقل المطلوب، بغير مزايدة هو الاحكام لرأي كل الشعب، دون ان ينفي ذلك حق اهل الجنوب في الاستفتاء بالمواصفات والشروط التي تم الاتفاق عليها، واذا كان الاخير ملزما دستوريا، وهو محل الاحترام، فللآخر حقه التاريخي، في ابداء الرأي غير الملزم.. وغير هنا بدقة وبمسؤولية بين الحق التاريخي غير الملزم والحق الدستور الملزم. العقل المطلوب هنا، ودون ان نتطاول على صراعات القوى السياسية، حكومتها ومعارضتها، ان يتولى السيد رئيس الجمهورية، بصفته القومية، دعوة كل القوى السياسية، ليس بصفتها تلك وانما كرموز وطنية، للتداول الفكري، في واقع ومستقبل الوطن.. وبعد ممارسة الاستفتاء.. وفقا لاجندة، مدروسة تماما وليست محلا للمزايدة بأي حال من الاحوال مما يقتضي التجرد. (5) مصير الوطن قضية تاريخية، وهي مسؤولية دينية واخلاقية وقانونية تاريخيا لان نتائج الاستفتاء لصالح الانفصال.. يعني مرحلة خطيرة، في مسار الوطن ومكوناته ومستقبله السياسي محليا واقليميا ودوليا، وتفاصيل ذلك كثيرة وشائكة.. لكنها ملموسة تماما.. مسؤولية دينية، لان نموذج حوار الاديان والتعايش السلمي فيها يحتاج لمن يقدمه على ارض الواقع في و طن.. ظل اتهامه بالارهاب.. اجندة ثابتة لدى كثير من دول الغرب المسيحي مسؤولية اخلاقية لأن جيلنا.. تشبع في صدق وتجرد: منقو قل لا عاش من يفصلنا.. وعلى فهمنا لكل المتغيرات الشرسة التي اعقبت ذلك فأننا على غير استعداد للتنازل عن قيمة شكلت في بنائنا العقلي والوجداني خيرا. مسؤولية قانونية لان الوحدة هي الاصل في البناء السياسي والانفصال متغير حكمته صراعات الرؤى السياسية بين شريكي نيفاشا.. والمسؤولية القانونية تتجاوز بحكم تداعياتها النصوص المجردة الى آفاق أرحب. على عدم تحيزي يصطلح «آلية» فانها والى حين اشعار آخر، تبدو ضرورة ليس بصفة البواكي او النواعي او بصفة التحلق النخبوي، ولكن باسم المجتمع، وعلى اختلاف ألوان طيفه الفكري والاجتماعي، وبابتدار من رموز التاريخ السياسي والاجتماعي والاكاديمي والديني أن نعمل على: ٭ تسيير موكب بأكبر قدر ممكن من المليونات، بلا هتافات، وشعارات مكتوبة: مستقبل واستقرار السودان في وحدته. ٭ قراءة اعتذار تاريخي يعد لصوغه فيما لا يزيد عن ورقة الفلسكاب، اساتذة التاريخ المتميزين في الجامعات السودانية ويتولى قراءاته من تختاره تلك المجموعة. ٭ تتم قراءة الاعتذار في الساحة الخضراء التي يصلها الموكب بحضور كل من السيد رئيس الجمهورية والسيد نائبه الاول سلفاكير، والنائب الاستاذ علي عثمان محمد طه، بمشاركة القوى السياسية والدينية الاسلامية والمسيحية بلا استثناء وبدعوة للسفراء. ٭ يقوم الاعتذار التاريخي، على قراءة ثاقبة لكل الظروف والمبررات التي ساقت الى ما شكل عبر الممارسات غير المستساغة قانونيا واخلاقيا ودينيا. ٭ يطرح الاعتذار مضمون شعار ضمان استقرار الوطن، من خلال الوحدة. (7) من الصعب جداً، على الرغم مما اقترحت، ان نختزل مسألتي الوحدة والانفصال، في مشروعات عجلى، قد لا تثير غير التساؤل عند البعض والتهكم عند البعض الآخر فالمسافة التاريخية تمر بتعاريج نفسية قاسية، وتمر بعلاقات محلية واقليمية ودولية شائكة انتهت الى الصراع العسكري، بمفاهيم ورؤى تباينت توجهاتها، ولكن الخراب فيها ظل.. بلا ملامح آيديولوجية.. فقد ظل خرابا وظل دمارا وظل لحنا كسيرا.. واسأل.. هل ثمة احصاء دقيق لكل ذلك الدمار البشري والمادي. وبعد: ٭ هل بالامكان اصدار كتاب توقيفي عن المسيرة التاريخية للعلاق.. ٭ اكتب ذلك مساء الخميس 8 يوليو 0102م.. حيث كان من المؤمل أن ينعقد لقاء السيد رئيس الجمهورية بأساتذة الجامعات، بقاعة الصداقة والذي أرجئ إلى الأسبوع القادم.. وانتظر ان يتجاوز اللقاء مجرد البيانات الباردة التي اصدرتها بعض الجامعات. ٭ اكتب ذلك ويظل نص البند العاشر من الدستور الانتقالي لسنة 5002م.. هاجسا في عقلي: - اذا جاءت نتيجة الاستفتاء حول تقرير المصير لصالح الانفصال فان ابواب وفصول ومواد وفقرات وجداول هذا الدستور التي تنص على مؤسسات جنوب السودان وتمثيله وحقوقه والتزاماته تعتبر ملغاة. - اكتب هذا وفي ذهني تصريحات كثير من اهل السلطة، المعارضة بالترحيب بالدولة الوليدة اذا اختار اهل الجنوب الانفصال وان يعملوا على الجوار الجاذب.. وانه فيما اورد الاستاذ عرمان.. لن يكون جنوب البرازيل!! الصحافة