[email protected] عادة ما يكون المكان المخصص للحنة في الكوفيرات غرفة كبيرة أو صالة أو مظلة معروشة بالمشمع، على جنباتها ترص أسِّرة لجلوس الزبونات، وتتناثر في وسطها البنابرلجلوس الحنانات، وغير بعيد منها تقع أحواض الغسيل، أما من تخاف من العوايد والضرائب من الحنانات، أو تجبرها الظروف الأسرية ك(حرنات) الازواج، فتتخذ في بيتها مكانا لتمارس منه مهنتها، وغالبا ما يكون المكان المخصص عبارة عن راكوبة في جانب الحوش، أو برندة لا شرقية ولا غربية تأتيها الشمس من كل مكان، وتتناثر فيها مجموعة من العناقريب ماركة (شقليب عنقريب الضيفان)، وعلى أحد الأطراف يقبع جردل وطش وليفة سوداء اكتسبت سوادها جراء ما غسلته من ذنوب الحنة. تعتبر تجمعات النساء في الكوفيرات وبيوت الحنانات، بيئة مناسبة لدراسة الطبقات الإجتماعية الناعمة، وفرصة ذهبية لملاقاة أنماط فريدة من النساء، قل أن تحظى بلقياهن - على البشر ومتابعة السلوك الإنساني لدرجة الحملقة والإنشداه، فقد كانت في زيارتي للحنانات متعة لا يشوبها وينغصها إلا الخوف من (سيد الاسم)، و(الذِلة) بسبب التأخير .. طبعا حالي كحال كل النساوين مع ازواجهن غير المستوعبين لحتمية التأخر عند الحنانة ! تنقسم الفئات الإجتماعية لمرتادات الحنانات لعدة أنواع: أولها طبقة المرتاحات وبنات أو قل (نسوان العز)، ونساء تلك الطبقة من المداومات على نقش الحنة ولا يجهدن أنفسهن بالحنة (الجلوط) أو السادة ولذلك ينطبق عليهن لقب الزبونة المميزة أو الVIP) ) حسب الدفع الثقيل، ويحصلن على الخدمة السياحية السريعة رغما عن أنف ناس (اشمعنا.. أنا ما جيت قُبالا) .. الغريبة أنني ومن واقع المعايشة، اكتشفت درجة متقدمة من التحول الشكلي والنوعي في نساء تلك الطبقة، فمنذ إلتحاقي بركب المتزوجات في التسعينات ودخولي لمجتمعات الحنة والحنانات لاحظت ذلك التغير الغريب في نسائها، فبعد أن كانت تلك الطبقة مكونة من المنّعمات من النساء الجميلات حقا (يشبعن البي ويزيدن علي) .. فهن شبيهات بالنساء في رسومات عهد النهضة وبنعومة تضاريس تماثيل مايكل أنجلو .. تبدو عليهن من آثار العز المتوارث أمّا عن حبوبة .. بدأت تلك المواصفات في التغيّر مع ظهور وتنامي طبقة مستجدي النعمة والثراء، من بنات الرأسماليين الجدد أو ذوي الدرجات الوظيفية البترودولارية، وما تلى دخول تلك الفئة لنساء الطبقة البرجوازية من تغير (شكلي)، فقد صرن أميل ل (الشناة) و(العصعصة) و(الجلد الناشف الأغبش) حتى تخالهن لو نقعوا داخل برميل من كريمات التنعيم، لما أصابهم من حظ (النورة) جانب، ولم يشمن رائحتها قدحة !! أما الفئة التانية فهي طبقة العاملات والموظفات، وهؤلاء لا يلجأن للكوافير أو الحنانة إلا عند الضرورات، كالمناسبات السعيدة وعند الطوارئ ك(البكيات)، فالموظفة المتنازعة دائما بين واجبات الوظيفة، وهم العودة للأعمال الشاقة في البيت مع عزوف الازواج عن المساعدة، قد لا تجد من الزمن ما يكفيها للعناية بنفسها كما ينبغي، فنجد أنهن دائما (مفسخات) وأرجلهن (بيض) من غير سوء سوى البشتنة ومشابهة أقدام (مرة الميت)، كما يمكن تمييز نساء تلك الطبقة بسهولة بواسطة ثيابهن البيضاء، واللهوجة والإستعجال في الحركة، ومن العصاعيص والعراقيب الحادة والعضلات التبش الناتجة من وقوف المواصلات وسك الحافلات. أما الفئة الثالثة فهي فئة ربات المنازل، ويعرفن بسيمائهن فهن دائما داقشات ومدروشات وأرجلهن مشققات ولولا مخافة الكضب لجزمنا بأن (الشق يدخّل ضب) .. يدخلن بيت الحنانة وقد تلفحن ب(توب الجارات)، وغالبا ما تكون الواحدة فيهن تحمل واحدا (مفجوخا على صفحتها وتسحب خلفها أثنين). هناك فئة خاصة، هي فئة العروسات وغالبا ما تنسحب عليهن تصنيفات المتزوجات، فهن أما ضمن بنات العز أو ضمن الموظفات اللائي كانن على أعتاب البورة أو أكيد بايرات قبل أن يسعدهن الحظ ويلحقن بقطار الزواج في آخر عربية .. وأخيرا نختم ب (مسك) عروسات الطاشرات .. الصغار وسوقن حار وهؤلاء تخاف عليهن أمهاتهن من عيون نسوان الحنة ما (يسحرون عشان ما بشبهوهن). !! الرأي العام