تقول بعض الإحصائيات غير الرسمية التي يعلن عنها بين حين وآخر إن جملة المطبوع اليومي من الصحف يتراوح بين 200 -300 ألف ، ويشمل هذا كل الصحف اليومية من سياسية ورياضية واجتماعية، وتقول نفس الإحصائيات إن حوالي 75% من جملة المطبوع يتم توزيعه في العاصمة في حين تذهب البقية للأقاليم، أي كل السودان. بكل المقاييس فإن هذه واحدة من أدنى درجات توزيع وقراءة الصحف في العالم مقارنة مع حجم السكان الذي يصل إلى 40 مليونا. بالمقابل يمكن أن نجد درجات متابعة واستماع عالية لأجهزة الراديو والتليفزيون، رغم غياب الإحصائيات العلمية الدقيقة لعدد أجهزة الراديو والتليفزيون في البلاد وحجم المشاهدة والاستماع. لكن من المنطقي والمعقول أن نتوقع درجات مشاهدة واستماع عالية للراديو والتليفزيون بحكم قلة التكلفة المطلوبة للمتابعة والتي تتمثل في قيمة الجهاز عند شرائه، ثم استهلاك الكهرباء أو حجارة البطارية، ثم لقلة الشروط المطلوبة لمتابعة الخدمة غير نعمتي البصر والسمع. فلا حاجة للتعلم والقراءة، بل أحيانا لا حاجة لمعرفة لغة البث التليفزيوني، فكم شخص لا يقرأ ولا يكتب ولا يعرف الانجليزية يتابع الأفلام الأجنبية بدهشة واستمتاع. ويتفق معظم خبراء الإعلام على عظم تأثير الإذاعة والتليفزيون على المستمعين والمشاهدين، وقد أجريت الكثير من الدراسات والبحوث التي قالت بأن التليفزيون مثلا، صار في كثير من الدول هو مستودع القيم والثقافة والسلوك، سلبا كان أم إيجابا، في المجتمعات. وقد انتشرت في بلادنا في الفترة الأخيرة إذاعات ال\"إف إم\" والمحطات التليفزيونية الفضائية التي تبث من داخل أو خارج السودان، وهي ذات انتشار واسع وتأثير كبير على المشاهدين والمستمعين، بلا شك، فهل يعي أحد أو جهة ما أو يتابع ما تقدمه ويقيسه بمقياس الجودة والتميز، أم أن الأمر يتم كيفما اتفق؟. يضع مجلس الصحافة شروطاً لممارسة مهنة الصحافة، ويمنح للشخص الذي تتوفر فيه هذه الشروط شهادة بذلك، ولا يسمح بمزاولة المهنة إلا لمن حمل هذه الشهادة، كما أنه يضع شروطا إضافية للمناصب المختلفة في المؤسسة الصحفية تتضمن المؤهل الجامعي وسنوات معينة للخبرة. وقد نتفق مع بعض هذه الشروط ونختلف مع بعضها الآخر، لكن لا مراء أنها تدخل ضمن محاولات تنظيم المهنة والحرص على أن تأتي ضمن إطار قيمي ومفاهيمي معين. حسنا هذا هو الحال بالنسبة للصحافة صاحبة التأثير الأقل، فماذا عن محطات الإذاعة والتليفزيون، ما هي شروط الترخيص ومؤهلات المسؤولين عنها؟ ما هي شروط عمل المعدين والمذيعين والمذيعات الذين يخاطبوننا ويؤثرون في سلوكيات أبنائنا وبناتنا؟...الإجابة هي: لا شروط مطلقاً، العقبة الوحيدة والتضييق يتم إذا كان في الأمر سياسة، وهذا ما تخافه الحكومة وأجهزتها، أما فيما يتعلق بالسلوك والقيم الاجتماعية والتراث الثقافي والغنائي والفني السوداني فلا ضابط ولا رابط يحميه. إذا أردت أن تعمل صحفياً في مؤسسة صحافية تطبع 10 آلاف نسخة يومياً فلا بد من شروط وامتحان وشهادة قيد، أما إذا أردت أن تكون مديراً لمحطة إذاعية أو تليفزيونية تخاطب الملايين فليست هناك شروط، لا سنوات خبرة، ولا شروط خبرات وتدريب في المجال، فتأمل..! الأخبار