هناك فرق بَيت الدُّميَة ..! منى أبو زيد (إن الرجال جميعهم أطفال) .. بهذا الاعتراف ذيّل الرجل/الشاعر نزار قباني أشهر قصائده .. وكأنه يقول للمرأة – إنابة عن كل الرجال - أنت على صواب .. أنا طفل كبير .. وكذلك جميع الرجال .. وسترتاحين كثيرًا إذا سلّمت بأن محاولات خلق علاقة ناجحة مع أي رجل هي درس وتدريب مُبكّر يؤهلك تجاوزه للنجاح في مضمار الأمومة .. وظيفة الأنثى التاريخية ..! في مسرحية (بيت الدمية) تناول كاتب النرويج العظيم هنريك أبسن ذات المعنى عندما جسّد حالة سوريالية .. عاطفية .. وجدانية .. حالة تتقمّص روح وفكر معظم النساء على اختلاف الحضارات والثقافات عند مرورهنّ بمنعطف (التأطير) الواقعي للعلاقة الرومانسية ..! أي عندما تتنقل علاقاتهنّ بشركاء الحياة من طقوس الالتزامات العاطفية إلى مُناخات الشرعية .. حيث تخلع العلاقة ثوب الرومانسية الوردي .. لترتدي عباءة الواجب والالتزام الأدبي والمادي .. لقد صوّر أبسن في (بيت الدمية) إحباط الفتاة عندما تتبدد آمالها وتوقعاتها الحالمة تحت قدمي فارسها الذي انتظرته طويلاً .. والذي ظلت تحلم بسعادتها في كنفه .. قبل انتقالهما معاً من خانة العشق إلى مربع الزواج ..! صوّر موت الرومانسية بعد أن تزهق روحها سلوكيات البطل /الزوج الذي لم يتردد لحظة في أن يمسك بزوجته من كتفيها ويهزها بعنف حتى تستيقظ من أحلامها وحتى تفتح عينيها على واقع من صنعه .. يخضع لشروطه وحده ..! العاشق الولهان تحوّل إلى زوج تقليدي .. نسخة مكررة عن آلاف الأزواج الذين كانت العروس تقسم على أن لا تكون حياتها صورة عن حيواتهم .. فتواجه ذات المصير عندما يطالبها عاشق الأمس وزوج اليوم بأن تتحوّل إلى نسخة عن صورة طالما كرهتها .. صورة الأم المطيعة لطفل متسلط .. شديد العناد ..! الرجل والمرأة متفقان على لعبة الأمومة والبنوّة تلك .. لكنهما يختلفان على آليات الحكم والتطبيق .. لذا تجدهما يقفان كثيرًا عند مفهوم طفولة الرجل .. فالرجل يرى أن مظاهر الطفولة في سلوكه تتمثل في أنه سريع الغضب، سريع النسيان لأخطاء امرأته .. وأن الحنان والرقة و(الطبطبة) - غير المشروطة - هي المفاتيح التي تفلح امرأته من خلالها في تسيير دفة علاقتها به إلى الشاطئ الذي تريد ..! بينما الذي تعتقده المرأة هو أن طفولة الرجل تكمن في سطحية أحكامه على سلوكها .. فهو كالطفل الذي يرتاح إلى من يمعن في تدليله .. ويتظاهر بالموافقة على كل طلباته .. حتى وإن أضمر في داخله عكس ما يتظاهر به أمامه ..! الرجل يتهم المرأة بالمكر ويستعيذ بالله من كيدها .. لكنّ الحقيقة التي تثبتها رؤيته .. ورؤيتها .. ورؤية التاريخ .. هي أن (الكيد العظيم) هو أقصر الطرق للوصول إلى قلبه .. وأنجح الطرق للمحافظة عليه ..! التيار