اوراق متناثرة حاجة (عشة): مرض ليس على (فشوش)!! غادة عبد العزيز خالد إستيقظت الحاجة (عشة) ذات صباح وقامت من مرقدها لتبدأ في مزاولة روتينها اليومي. وبدأت تحضر احتياجات شاي الصباح، فجميع ابنائها وبناتها، حتى المتزوجين، يحضرون لشرب الشاي بحضرتها. وقامت بوضع (الكفتيرة) على النار وبدأت ترص اكواب الشاي على الصينية حتى تزداد درجة حرارة النار ويصل إلى مرحلة الغليان. ولم تكتفِ الحاجة (عشة) بتحضير الشاي بل قامت ايضا (برمي) اللقيمات التي ما أن خرجت من النار، حتى وضعت فوقها بعضاً من السكر ولونتها بخطوط من العسل فصار شكله، حتى قبيل طعمه، شهياً لذيذاً. ومرت بضع دقائق وبدأت اسرة الحاجة (عشة) تلتف حولها وتصب الشاي وتتحدث. وسأل احد الأبناء والدته عن حالها، فوضعت الحاجة عشه يدها على رأسها وهي تقول:» والله كويسة يا ولدي، بس راسي واجعني شوية» ثم تواصل» سمعت في دكتور شاطر عاوزة امشي ليهو علشان يشوف موضوع راسي ده شنو؟» ولم تبدُ على اي من ابناء الحاجة (عشة) ملامح من القلق بل واصلوا شرب شايهم واكل (لقيماتهم) وكأن والدتهم لم تشكُ لتوها من ألم برأسها. ولكن إذا عرف السبب بطل العجب، فلقد ظلت الحاجة عشة تشكو من الم بعد الم ومن منطقة في جسدها بعض منطقة، فلقد اشتكت قبلا من ظهرها، ثم من كتفها، ثم رجلها، ثم ركبتها، حتى لا يكاد يظن احد ان هنالك عضو من اعضائها لم يخضع لإختبارات طبية او للمسة طبيب على الأقل. ومد اكبر الأبناء يده ووضعها داخل طبق اللقيمات، ثم اختار قطعة طرية يقطر منها العسل ووضعها في فمه وبدأ يتحدث مخاطبا والدته:» إنتي يا امي موش سافرتي الشهر الفات لندن وعملتي إختبارات كاملة وكلها طلعت سليمة مية المية؟» واجابت الحاجة (عشة) محتجة:( والله يا ولدي عملت الاختبارات دي، لكن كلها طلعت على فشوش)!! لكن يبدو ان الحاجة (عشة) لم تطلع كلية على (فشوش)، فبعد عدد من الزيارات الجديدة لأطباء مختلفين ولأسباب متعددة، لفت احد الاطباء نظر الاسرة إلى ان الحاجة عشة ربما كانت تعاني من ال(هيبو كاندريج)، وهو مرض نفسي يظن الشخص بسببه انه في حالة مرض مستمرة، فما ان يسمع بمرض حتى يتهيأ له انه يعاني من اعراضه وما ان يسمع بطبيب حتى يذهب لزياراته. وهنالك العديد من المخاطر لهذا المرض النفسي العجيب، فمن ضمن مخاطره نغمة ال(نقة) التي يظل المريض يعزفها على اذان اسرته ليلا ونهارا. وهنالك خطر آخر كبير وهو ان المريض حينما يشعر بالم فعلي فربما لا يصدقه آل منزله، ويكون كما وقصة الصبي الذي كان يهتف مازحا بان هجم النمر، فما ان هجم النمر فعليا لم يصدقه احد. إن قصة الحاجة عشة حقيقية وكنا قد احترنا فيها، لماذا تحاول ان (تمرض) نفسها. ألا تدري ان الصحة، كما يقال، تاج يجمل رؤوس الاصحاء. لكننا نهمل، ولا ادري لماذا، الامراض النفسية ولا نحاول ان نضع لها إعتبارا بالرغم من انها حتى وإن بدت لنا بسيطة تحمل كثيراً من الخطر. الصحافة