بخت الرضا---العيد الماسي وأشعار الوداع عبد الفتاح سليمان [email protected] سهرة رائعة قدمها د عوض ابراهيم عوض بقناة الأمل الفضائية مع اللجنة القومية التحضيرية للعيد الماسي لبخت الرضا استضاف فيها مجموعة من التربويين من اللذين قدموا عصارة جهدهم لخدمة العلم والوطن وها أنا أستجيب لدعوة د اسماعيل الحاج موسي رئيس اللجنه الاعلامية للمساهمة في انجاح هذا الإحتفال نفرٌ من مثقفي السودان إنتقدوا تجربة بخت الرضا كمنهج للتعليم النظامي في السودانُ فعدوها مؤسسة استعمارية أبعدها الانجليز في خلاء الدويم منهم د عبد الله علي ابراهيم والذي كتب في مقال له تحت عنوان (بخت الرضا—دمع العين يزيل ألمي)(ان الانجليز جاءوا الي بخت الرضا بمسيحية ملطفة علي الريحة ولكنها نفّاذة ومؤثرة وقد خالط هذه المسيحية أثر من ثقافة الزمن التي ارتكزت علي ذكريات الجيل الانجليزي ومعاييره الخلقية المؤطرة ولكنه في نفس المقال يذكر علي لسان هودجكن أحد التربويين الانجليز اللذين عملوا بالمعهد:_ان للحكم ومتانة الشخصية اللذين جاء بهما السودانيون الي بخت الرضا جذور في عقيدة الاسلام نفسها؛وفي رأي إن دل هذا علي شئ إنما يؤكد علي ان بخت الرضا لم تكن إستلابا ثقافيا حتي لو أراد مؤسسوها ذلك مع شدة إختلافي مع هذا الرأي بل يمكن القول إنها حصنت الشخصية السودانية وسلحته بمزيد من العلم والمعرفة مستفيدة من أثر التخطيط التربوي السليم الذي وضعه الانجليز لهذا المعهد؛وهذا يؤكد عكس ماذهب اليه د عبدالله في مقال آخر له حين يقول إن الانجليز جربوا تعميم المدرسة الأولية لتكون المؤسسة الغنية لمجتمعٍ نظيف الجيب من الثقافة) وهي عبارةٌ ليست دقيقة علي كل حال بالنظر الي مدلول كلمة ثقافة نفسها؛ والحقيقة أن الانجليز أرادوا ان يتدرب المعلم في بئية بخت الرضا الريفية علي تحمل الصعاب عندما ينقل الي أرياف السودان المختلفة وهذه محمدة يجب ان يشكر الانجليز عليها لا أن يذموا فلو لجأنا الي (ترييف الصناعة )وتوطينها بالريف مثلاً جرياً علي هذا الترييف لما تكدس السودانيون بالعاصمة ولما أفقر الريف وترمل؛فالهجمة الناقدة لمعهد بخت الرضا أراها وطنية الدافع ولكنها لم تكن مقاربة اللواقع ممن تصدوا لها؛ ومصداق ذلك أنهم في الوقت الذي كانوا فيه قساةًعلي معهد بخت الرضا فإنك تجدهم شديدوا الاحتفاء بكلية غردون التذكارية (جامعة الخرطوم)التي أنشئت من أجل تخليد ذكري غردون الذي قتله أسلافهم أخذاً بثأرهم وثار الصينيون اللذين أذاقهم الويل وربما يفسر ذلك حب الصينيين لنا ووقوفهم الي جانب السودانيين في وقت اشتدت علينا وطأة الحصار من أبناء العم سام وتابعييهم الآن من أبناء المملكة العجوز. ُروي عن د عبدالله الطيب رحمه الله أنه كان يري ان تعليم بخت الرضا هو تعليم منزوع البركة ولكن ياتري ماذا نقول في تعليم اليوم الذي لايستطيع فيه خريج الجامعة كتابة خمسة أسطرٍ دون أن يقع في خطإ إملائي أو نحوي في زمن ثورة التعليم والتعريب؟ فقد أرجع خبراءُ شاركوا في مؤتمر التعليم العام الثالث وجود قصور وخلل في المناهج الحالية لمرحلتي الأساس والثانوي أدي الي تدني مستوي تحصيل الطلاب في المواد الأساسية أرجعوا ذلك الي تدني البيئة المدرسية والي عدم وجود المعلم المدرب وكشف هؤلاء الخبراء عن دراسات أثبتت أن 60% من الموجهين لم ينالوا تدريباً علي المناهج ؛وعلي عهد بخت الرضا فقد أنشئت مدارس الدويم الوسطي والنيل الابيض الوسطي والدويم شمال ومعهد مبروكة ومعهد السنتين خصيصا لتجريب المناهج الجديدة علي طلاب هذه المدارس لمعرفة الثغرات التي تنجم عن التطبيق بغرض تلافييها وليتدرب المعلمون علي المنهج الجديد في المعهد حتي بتمكنوا من تدريسه علي نحو سليم في المدارس التي يبتعثوا منها أو اليها . لقد كانت مدارس بخت الرضا قمة في الانضباط في فصول الدراسة أو في مياديين الرياضة أو في حقول الزراعة فقد وقفت علي مستوي الانضباط بمعهد التربية بمبروكة في أوائل الثمانينات وكنت وقتها طالبا بالمرحلة الثانوية بمدرسة النيل الأبيض الثانويةذ كان يقام النشاط الثقافي علي مستوي المنازل والداخليات –بحفلًًٍ يبدأ في السابعة مساءاً وينتهي في التاسعة مساءاً وكان يشرف علي تحكيم المسابقات نخبة من أساتذة المعهد فالفريق الذي يتجاوز الزمن الرسمي بثانية واحدة يعد خارج المنافسة مهما كان مستوي الأداء وكيف أن طلبة معهد مبروكة كانواينتجون غذاءهم من حصاد جهدهم وخاصة الخضروات وأن النشاط الفلاحي كان يرصد ضمن مواد التربية الريفية .تلك كانت بخت الرضا وكان طلابها ينشدون مع الشاعر تاج السرابراهيم عمر في كل موسم النشيد المعروف بنشيد المعهد:_ بخت الرضا قدري وبلسم أمتي وحياتها طوبي لجيل من أوائلنا بني لبناتها كتبوا بأحداق العيون صمودها وثباتها وتوسدت بين الضلوع وفي الحشا راياتها وكم كان زيدان إبراهيم ذكياً ورائعاً عندما غني في ذلك الحفل رائعة الدكتور ابراهيم ناجي(الوداع) وكأنه يودع بخت الرضا التي تنادوا للترتيب للإحتفال بعيدها الماسي وهو يغني وقفة أقرأ فيها لك أشعار الوداع. عبد الفتاح سليمان