السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهوية السودانية
نشر في الراكوبة يوم 17 - 08 - 2010

د.صبري محمد خليل/ استاذ الفلسفة بجامعه الخرطوم
[email protected]
لمشكله الهوية مستويين:
مستوى اجتماعى موضوعى يتمثل فى وحدات التكوين الاجتماعى التى تميز المجتمع المعين(اسره،عشيره،قبيله،شعب...) ومستوى فردى ذاتى يتمثل فى علاقات انتماء الفرد الى تلك الوحدات (انتماء اسرى،عشائرى، فبلى، شعوبى..)،كما أنها مرتبطة بمشاكل متعددة (سياسيه، اقتصاديه، قانونيه...)، و سنتناول هنا مشكله الهوية السودانية طبقا لمستوى واحد هو علاقات انتماء الفرد الى وحدات التكوين الاجتماعى التى تميز المجتمع السودانى ، وفي علاقتها بمشكله الوحدة والتعدد كقضية فلسفيه لها تطبيقاتها الثقافية،السياسية،الاقتصادية...: اى هل نقول بوحدة مطلقه تلغى اى شكل من أشكال التعدد أم نقول بتعدد مطلق يلغى اى شكل من أشكال الوحدة أم نجمع بين الوحدة التعدد اى نقول بوحدة نسبيه وتعدد نسبى، كما ننطلق من مسلمه هي تعدد علاقات انتماء الشخصية السودانية، حيث أن هناك ثلاثة مذاهب في تحديد طبيعة العلاقة بينها هي:
فهناك أولا مذهب الوحدة المطلقة ويتمثل في العديد من المذاهب التي ترى أن العلاقة بين علاقات الانتماء المتعددة هذه هي علاقة تناقض، وبالتالي فان استنادها إلى علاقة الانتماء المعينة يقتضى إلغاء علاقات الانتماء الأخرى.. هذه الوحدة المطلقة في مجال الهوية ترتبط بوحدة مطلقه في المجال السياسي الاقتصادي القانوني... مضمونها وجوب انفراد جماعات قبلية سودانية معينه ( باعتبارها ممثلا لعلاقة الانتماء المعينه) بالسلطة و الثروة ... دون باقي الجماعات القبلية أو الشعوبية السودانية.
من مذاهب الوحده المطلقه مذهب العصبية القبلية العربية الذى يرى أن العرب الحاليين في السودان وغيره هم سلاله عرقية لعرب الجاهلية، ووجه الخطأ في هذا المذهب لا يكمن فى اقراره بوجود جماعات قبيله سودانيه يمكن اعتبارها سلاله عرقيه لعرب الجاهليه ، ولكن يكمن في انه يفهم العروبة على أساس عرقي لا لغوي حضاري ، ومرجع ذلك انه يخلط بين العرب في الطور القبلي( ما يقابل الأعراب في القرآن)، والعرب في طور الامه، حيث ان مناط الانتماء فى الطور الاول النسب، بينما مناط الانتماء فى الطور الثانى اللسان.كما انه بخلط بين معيار الانتماء الاسرى والعشائرى و القبلي (العنصر) ومعيارالانتماء القومى(اللسان)، فهو يتجاهل التطور خلال الزمان. ويرتب على هذا انكاره لحقيقة اختلاط اغلب الجماعات القبلية ذات الأصول العربية بالجماعات القبلية والشعوبية السودانية ذات الأصول غير العربية،رغم وجود بعض الأسر أو العشائر في إطار هذه الجماعات القبلية ، بالاضافه إلى بعض الجماعات القبلية الأخرى التي لم تختلط بالجماعات القبلية والشعوبية السودانية ذات الأصول غير العربيه إلا قليلا لأسباب ثقافيه(كشيوع رواسب الطور القبلي في العصبية) أو تاريخية (كهجره بعض القبائل العربية إلى السودان في مرحله متاخره(من هذه القبائل الرشايده ، الزبيديه...)) أو جغرافيه (كاستيطان بعض الجماعات القبلية العربية في بعض المناطق الطرفية أو المعزولة)....
ومن مذاهب الوحده المطلقه مذهب الشعوبية النوبية الذى يرى أن تقرير علاقة الانتماء النوبية للشخصية السودانية يقتضى إلغاء علاقات الانتماء الأخرى، فهي تقتضى مثلا إلغاء علاقة الانتماء الوطني لان هذا المذهب يلزم منه أن الأثر الحضاري الشعوبي النوبي يقتصر على القبائل ذات الاصول النوبية لينفى بذلك انه ساهم في تشكيل الشخصية السودانبه ككل ، كما يرى أن العنصر النوبي يقتصر على القبائل ذات الاصول النوبية،في حين انه في واقع الأمر يمتد فيشمل بالمصاهره والهجره اغلب القبائل ذات الأصول العربية في الشمال والوسط وبعض القبائل ذات الاصول غير العربيه فى جبال النوبه. كما أنها تقتضى إلغاء علاقات الانتماء القومي والديني،لان هذا المذهب ينكر تحويل الإسلام للوجود الحضاري الشعوبي النوبي إلى جزء من الوجود الحضاري العربي الاسلامى يحده فيكمله ويغنيه ولكن لا يلغيه..وايه هذا دخول النوبين فى الاسلام،واتخاذهم للغه العربيه كلغه مشتركه مع احتفاطهم باللغه التونيه الشغوبيه القديمه بلهجاتها القبليه المتعدده كلغه خاصه.
ومن مذاهب الوحده المطلقه مذهب الشعوبية السودانية الذى يرى أن تقرير علاقة الانتماء الوطني للشخصية السودانية يقتضى إلغاء علاقات الانتماء الأخرى،فيرى مثلا أن تقرير علاقة الانتماء الوطني تعنى إلغاء علاقة الانتماء القومي ،فيخلط بين الوطنية يما هي علاقة انتماء إلى وطن و القومية بما هي علاقة انتماء إلى أمه..
ومن مذاهب الوحده المطلقه المذهب التقليدي الذى يرى أن تقرير علاقة الانتماء الإسلامية للشخصية السودانية تقتضى إلغاء علاقات الانتماء الأخرى. فهى يقتضى إلغاء علاقات الانتماء الوطنية والقومية بتقريره ان انتماء المسلمين إلى الامه الاسلاميه يلغى انتمائهم إلى أوطانهم و أممهم ،كما يقتضى إلغاء علاقات الانتماء التاريخية بتقريره أن الإسلام يلغى الوجود الحضاري القبلي والشعوبي السابق عليه..
ومن مذاهب الوحده المطلقه مذهبى الافريقانيه أو الزنوجة كعلاقات انتماء اجتماعي حضاري اللذان يريان أن تقرير علاقة الانتماء الافريقيه أو الزنجية للشخصية السودانية يقتضى إلغاء علاقات الانتماء الأخرى. فهو يقتضى مثلا إلغاء علاقة انتمائها القومي ذات المضمون اللساني -الحضاري فى حين ان علاقه الانتماء الاخيره غير جغرافيه شان علاقه الانتماء الافريقيه (حيث أن العرب يتوزعون بين قارتي أسيا وأفريقيا) وغيرعرقيه شان علاقه الانتماء الزنجيه(حيث اختلط العرب بكثير من الأعراق).
وهناك ثانيا مذهب التعدد المطلق الذي يتخذ من تعدد علاقات انتماء الشخصية السودانية كدليل على تعدد الشخصيات الحضارية ونفى وجود شخصيه حضارية سودانية واحده،واهم ممثليه مذهب الفردية المطلقة اى الليبرالية التي تتطرف في تأكيد وجود الفرد إلي درجه تلغى فيها وجود الجماعة،مما يؤدى في الواقع (كما هو ماثل في المجتمعات الغربية)إلى إلغاء أو إضعاف علاقات الانتماء المتعددة للشخصية المعينة(بما فيها علاقة الانتماء الأسرى) فيصبح انتماء الفرد إلى ذاته وولائه إلى مصلحته. هذا التعدد المطلق في مجال الهوية يرتبط بتعدد مطلق في المجال السياسي الاقتصادي القانوني... مضمونه التطرف في التأكيد على حرية الجماعات القبلية والشعوبية المكونة للمجتمع السوداني لدرجه إلغاء وحده مجتمع السوداني مما يؤدى إلى الفوضى.
وهناك ثالثا مذهب العلاقة الجدلية بين الوحدة والتعدد القائم على اعتبار أن الشخصية السودانية ذات علاقات انتماء متعددة،وان العلاقة بينها علاقة تكامل لا تناقض (كما الأمر في علاقات انتماء الشخصية الفردية حيث لا تزال علاقة الانتماء إلى الاسره،أو إلى القرية،أو إلى الحزب قائمه بجوار علاقة الانتماء إلى الدولة أو إلى الوطن أو إلى الشعب بدون خلط أو اختلاط.)، وطبقا لهذا المذهب فان المذاهب السابقة الذكر ليست على خطا مطلق ولا صواب مطلق بل يتضمن كل مذهب من هذه المذاهب قدرا من الصواب وقدر من الخطأ ،وبالتالي فان الموقف الصحيح منها هو موقف جدلي اى موقف يتجاوزهم كمذاهب متناقضة (برفضه ما هو خطا في هذه المذاهب ) وفى ذات الوقت يؤلف بينهم(بأخذه ما هو صواب في هذه المذاهب لتركيب مذهب جديد).. إن العلاقة الجدلية بين الوحدة والتعدد في مجال الهوية ترتبط بالعلاقة الجدلية بين الوحدة و التعدد في المجال السياسي الاقتصادي القانوني...متمثله في التأكيد على الوحدة (بتقرير المساواة بين الجماعات القبلية والشعوبية المكونة له) وفى ذات الوقت التأكيد على التعددية )بتقرير حرية هذه الجماعات القبلية والشعوبية).
حيث يتصف الواقع الديني السوداني بالتعدد النسبي (الذي لا يتناقض مع الجمع بين الوحدة والتعدد على هذا المستوى)، فهناك الإسلام كدين لغالبية السودانيين ،كما أن هناك الديانة المسيحية بمذاهبها المختلفة، بالاضافه إلى بعض الديانات والمعتقدات القبلية المحلية .وبالتالي فان تقرير الإسلام كعلاقة انتماء ديني حضاري للشخصية السودانية على الوجه الذي لا يتناقض مع هذا التعدد النسبي يقتضى الالتزام بعده ضوابط هي:أولا: أن تعدد الانتماء الديني في المجتمع السوداني لا يلغى وحده هذا المجتمع، فتعدد الانتماء الديني(مسلمين ويهود) في المدينة في ظل الوثيقة لم يلغى انتمائهم إلى المدينة كوطن( أن اليهود من بني عوف امة مع المؤمنين).) .ثانيا: أن معنى الإسلام هنا لا يقتصر على الإسلام كدين، بل يمتد ليشمل الإسلام كحضارة،اى كمصدر لكثير من القيم الحضارية للشخصية السودانية(المسلمة وغير المسلمة) . ثالثا: ان الإسلام لم يلغى الوجود الحضارى القبليى والشعوبي السابق عليه، بل حدده كما يحد الكل الجزء (بالغاء ما يناقضه من معتقدات ومفاهيم وعادات...، والإبقاء على مالا يناقضه) ليشكل هذا التحديد ما يسمى بالتدين الشعبى السودانى. رابعا:أن انتماء المسلمين في السودان إلى الامه الاسلاميه لا يلغى انتمائهم إلى السودان كوطن لان الاسلام ميز ولم يفصل بين امه التكليف وامه التكوين. خامسا: تقرير الحرية الدينية ممثله في حرية الاعتقاد وحرية ممارسه الشعائر والأحوال الشخصية لأصحاب الأديان الأخرى التي قررها الإسلام ويؤكدها تاريخ السودان حيث كان دخول الإسلام إلى السودان بدون فتح (اتفاقيه البقط) ،فضلا عن قيام السكان المحليين المستعربين(النوبة، الفونج ...) والممالك الاسلاميه المحلية (الفور الفونج تقلي المسبعات الكنوز) بدور اساسى في نشر الدعوة الاسلاميه في السودان.ومساهمه الطرق الصوفية التي تتميز بالدعوة السلمية في نشر الإسلام في السودان .
كما يتصف الواقع اللغوي السوداني بالتعدد النسبي(الذي لا يتناقض مع الجمع بين الوحدة والتعدد على هذا المستوى)، فهناك اللغة العربية كلغة حياه لكثير من الجماعات القبلية السودانية، وفى ذات الوقت فان كثير من الجماعات القبلية والشعوبية احتفظت بلغاتها الشعوبية القديمة أو لهجاتها القبلية .وبالتالي فان تقرير العربية كعلاقة انتماء قومي إلى أمه على الوجه الذي لا يتناقض مع هذا التعدد النسبي يقتضى تقرير أنها ذات مضمون لساني حضاري لا عرقي (ليست العربية فيكم من أب وأم؛ إنما العربية اللسان، فمن تكلم العربية فهو عربي)، فهي تعنى أن اللغة العربية هي اللغة المشتركة بين الجماعات القبلية والشعوبية السودانية بصرف النظر عن أصولها العرقية أو لهجاتها القبلية، والحديث هنا عن ليس عن اللغه العربيه فى ذاتها بل كلغه مشتركه متمثله فى اللهجه السودانيه كنمط خاص لاستخدام ذات اللغه العربيه، ومصدر الخصوصيه انها محصله تفاعل اللغه العربيه مع اللهجات القبليه واللغات الشعوبيه السابقه على دخول العرب والاسلام السودان. وبالتالي فانه لا توجد جماعات قبليه معينه تنفرد بتمثيل علاقات الانتماء العربية للشخصية السودانية.
أما فيما يتعلق بالسودانية وعلاقة الانتماء الوطني فهي علاقة إلى انتماء إلى وطن (إقليم أو ارض)، وهى لا تلغى علاقات الانتماء القبلي والشعوبي بل تحدها كما يحد الكل الجزء فتكملها وتغنيها كما أن علاقات الانتماء الديني والقومي لا تلغيها بل تحدها كما يحد الجزء الكل فتكملها وتغنيها..
أما فيما يتعلق بعلاقات الانتماء التاريخي الحضاري القبلي والشعوبي(ومنها النوبية) فان السودان كان في الماضي عبارة عن قبائل غير مستقرة على أرض معينة، بالإضافة إلى شعب تجاوز الطور القبلي، واستقر على ضفاف النيل. وقد صنع الإسلام من تلك القبائل وهذا الشعب جزءاً من أمة. فالإسلام إذاً لم يلغى الوجود الحضاري القبلي والشعوبي السابق عليه، بل حدده كما يحد الكل الجزء. فكان بمثابة إضافة أغنت تركيبه الداخلي، وأمدته بإمكانيات جديدة للتطور. وكان محصلة هذا ما نطلق عليه الشخصية السودانية، وبالتالي فانه لا توجد جماعات قبليه تنفرد بتمثيل علاقة الانتماء النوبي للشخصية السودانية
أما فيما يتعلق بعلاقة الانتماء القبلي فان للشخصية السودانية انتماءات قبليه متعددة، ويكاد يكون لكل قبيلة تقاليد خاصة ، ،وليس في هذا ما يناقض الحضارة المشتركة، كما في كل المجتمعات.
وفيما يتعلق بعلاقة الانتماء الافريقيه للشخصية السودانية فهي علاقة انتماء جغرافي قاري، وليس لها مدلول حضاري أو اجتماعي ايجابى او سلبى، بمعنى انها ليست وحده اجتماعيه حضاريه ، إذ أن قارة أفريقيا تضم العديد من الأمم والشعوب والقبائل التي لم يرقى ما هو مشترك بينها (تفاعل مجتمعاتها مع ذات الطبيعة الجغرافية) إلى أن تكون أمه واحده.. كما انها ليست علاقه انتماء عرقى اذ يوجد فى قاره افريقيا الحاميين (كسكان افريقيا جنوب خط الاستواء) والحاميين الساميين (كالسودانيين والارتريين والصوماليين والاثيوبيين...) والسامين (كالعرب شمال القاره) والاريين (كالاوربيين الذين استوطنوا فى جنوب افريقيا وغيرها...). والافريقيه كعلاقة انتماء تشمل كل الجماعات القبلية السودانية ولا تنفرد بتمثيلها جماعات قبليه معينه لان السودان كقطر داخل قارة أفريقيا.
كما يتصف الواقع العرقي السوداني بالتعدد النسبي(الذي لا يتناقض مع الجمع بين الوحدة والتعدد على هذا المستوى)، إذ نجد أن اغلب السودانيين هم محصلة اختلاط الحاميين(الزنوج) مع الساميين(العرب)، بالاضافه إلى وجود جماعات قبليه سامية و أخرى حاميه لم تختلط ببعضها إلا قليلا ، نسبه لتفاوت درجه هذه الاختلاط من جماعه إلى أخرى كمحصله لعوامل تاريخية وجغرافيه متفاعلة، وابه هذا اتخاذ الاتجاهات الجغرافيه كممبز اجتماعى(الشماليين،الجتوبيين،اهل الشرق، اهل الغرب..)،عدم معرفه القبيله التى ينتمى اليها االفرد بدون سؤاله عنها ،... وبالتالي فان تقرير علاقة الانتماء العرقي الزنجية للشخصية السودانية على الوجه الذي لا يلغى هذا التعدد النسبي يقتضى الالتزام بما سبق ذكره، والذى يترتب عليه ان الزنوجه السودانيه زنوجه مختلطه او نسبيه وليست زنوجه خالصه او مطلقه، بالاضافه إلى تقرير أن الزنوجه هى استجابه فسيولوجيه لمعطيات مناخ المنطقه الاستوائيه ، تنتقل بالوراثه عبر حقب زمنيه طويله ، وليس لها دلاله حضاريه أو اجتماعيه سلبيه (كما يدعى انصار مذاهب التمييز العنصرى) او ايجابيه(كما يدعى انصار مذهب الزنوجه كرد فعل على مذاهب التمييز العنصرى)، فهى لا تشكل وحده اجتماعيه حضاريه، اى ان الزنوج ليسوا أمة واحدة بل يتوزعون على أمم وشعوب وقبائل عدة في جميع أنحاء العالم. أما لفظ حاميين فمصدره تقسيم علماء الأجناس البشر إلى ثلاثة أقسام بين ساميين وحاميين وآريين؛ ولكن هذا التقسيم هو تقسيم لغوي وليس تقسيماً عرقياً فقط، فقد ثبت ان هناك الكثير من الجماعات القبليه والشعوبيه والقوميه التى تندرج تحت اطار احد فروع هذا التقسيم من ناحيه لغوبه بينما لاعلاقه عرقيه فضلا عن علاقه اجتماعيه او حضاريه بينها كانتماء الاكراد والسيخ فى الهند والايرانيين والالمان الى الجنس الارى. وبالتالي فان علاقة الانتماء العرقية الزنجية للشخصية السودانية تشمل كل الجماعات القبلية السودانية سواء بالاصل العرقى،او بالتصاهر(مع تفاوت درجه هذا الاختلاط من جماعه إلى أخرى)،أوبالتأثر بالبيئة الجغرافية للمنطقة الاستوائية(مع تفاوت درجه البعد او القرب من المنطقه الاستوائيه)، ولا تنفرد بتمثيلها جماعات قبليه معينه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.