مواصلة لحديث الأمس عن التحديات التي تواجه مفوضية الاستفتاء، أرى أن من المفيد المرور سريعا على نصوص القانون فهي قد تعيننا على فهم ما استغلق، والحمد لله فد حصلت بعد جهد جهيد على النسخة الأصلية الموثقة للقانون، وهذا وجه آخر من وجوه تعقيدات الحياة في بلادنا، إذ أن الحصول على القوانين المجازة من البرلمان تبدو مهمة أصعب من الحصول على وثائق البنتاغون، رغم أن القانون لا يكتسب شرعيته إلا بعد إعلانه. واكتشفت أن ما قلناه عن تعيين الأمين العام للمفوضية ليس صحيحا، فهو يعين بقرار من رئيس الجمهورية، بموافقة النائب الأول، بعد توصية من المفوضية (19-1)، كما تنص المادة (9-10-2) في شروط عضو المفوضية \" أن يكون من المشهود له بالاستقلالية والكفاءة وعدم الانتماء الحزبي\" وبالتالي فإن وجود أي انتماءات حزبية للأعضاء يقدح في عضويتهم وفي أحقيتهم بالوجود في هذا المكان. ويعطي القانون صلاحيات كبيرة لنائب رئيس المفوضية والذي هو في نفس الوقت رئيس مكتب الاستفتاء بالجنوب، حيث يشرف على تكوين وعمل اللجان العليا للاستفتاء بالولايات واللجان الفرعية بالمقاطعات والمراكز، من مقر عمله بجوبا. وألاحظ أن هناك جدل لا يزال يدور حول من لهم حق التصويت، بينما حسم القانون هذا الأمر تماما، ولم يعد من معنى للنقاش حوله،قسم القانون الناخبين إلى أنواع، ولم يضع قيدا إلا على تصنيف واحد، وهو الناخب الذي تعود أصوله إلى أحد الأصول الاثنية في جنوب السودان ولم يكن مقيما إقامة دائمة دون انقطاع في جنوب السودان قبل الأول من يناير 1956، فهذا لا يحق له الاقتراع في المراكز الخارجية \"خارج جنوب السودان، وإنما لابد أن يعود ليصوت من المركز الذي ينتمي له، وكذلك المقيمين من الشماليين بالجنوب قبل أو منذ يناير 1956. فيما عدا ذلك فإن كل الناخبين المسجلين يحق لهم التصويت في أي مركز اقتراع سجلوا فيه داخل أو خارج الجنوب. وعن المراكز الخارجية، في مدن ومناطق شمال السودان أو خارج السودان، فقد أقر القانون إقامة مركز اقتراع في أي منطقة يكون فيها عدد المسجلين 20 ألف شخص، وإذا لم يكتمل العدد يتم فتح مركز الاقتراع في عاصمة الولاية أو دولة المهجر. ويتحدث القانون في مواده الأولى (المادة 7 وفروعها) عن البيئة الملائمة لإجراء الاستفتاء، وتشمل البيئة الأمنية وإتاحة حرية التعبير والممارسة الحرة وحرية التجمع والتنقل لأفراد الشعب في جنوب السودان. كما نص على وجود مراقبين دوليين من الإيقاد وشركائها والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وكل الموقعين على اتفاقية السلام كشهود، وكذلك المراقبين من منظمات المجتمع المدني المحلية والإقليمية والدولية. ويسهل القانون عملية إثبات شخصية الناخب، فلا يتوقف عند البطاقة الشخصية أو وسائل الإثبات الورقية، لكنه يعطي السلاطين دورا مهما في التعرف على شخصية الناخب. وتبقى المشكلة الوحيدة في الجدول الزمني الذي لا يتيح إجراء الاستفتاء في مواعيده، فهو مثلا يقول إن عملية الاقتراع تتم بعد ثلاثة أشهر من الإعلان عن السجل النهائي للاستفتاء (32-1)،وهذا أمر مستحيل أن يتم الآن، وربما يتطلب الأمر حدوث تفاهم بين الشريكين لتعديل القانون وتقصير المدة الزمنية. الأخبار