حاطب ليل السلام يا وزير السلام عبد اللطيف البوني من أراد أن يعرف اتجاه الريح في علاقة الشريكين الحاكمين، أو أراد أن يعرف ما سيحدث للبلاد في المستقبل القريب عليه أن يتابع تصريحات السيد باقان أموم، أمين عام الحركة الشعبية ووزير السلام في حكومة الجنوب؛ فالرجل بما لديه من مكانة في الحركة والحكومة وإرث نضالي ورصيد سياسي، أصبح هو المتحكم في مجريات الأمور فيما يختص بمستقبل السودان وحدة أو انفصالاً. فإذا كانت هذه الفرضية صحيحة فإن البلاد مقدمة على أيام قد تكون عصيبة و(ربنا يكضب الشينة). آخر تصريحات للسيد باقان، تلك التي أدلى بها في الخرطوم يوم الخميس المنصرم يمكن أن نستخلص منها هذا السيناريو المتشائم وهو: 1/ إن الخرطوم سوف تتراجع عن اتفاق السلام بالتحايل على عدم اجراء الاستفتاء في موعده في التاسع من يناير القادم. 2 /حكومة الجنوب سوف تتخذ قرارت خاصة بالاستفتاء تضمن للمواطن الجنوبي حقه في تسيير إرادته وتقرير مصيره. 3/ الخرطوم لن تعترف بتلك الاجراءات المتخذة من جانب جكومة الجنوب. 4/ تأسيساً على موقف الخرطوم سوف يحاول الجيش السوداني إعادة احتلال الجنوب. 5 / سوف تندلع حرب من نوع خاص وستكون أكبر من كل الحروب السابقة وسيكون ضحاياها كثر. 6/ سوف تنهار الدولة السودانية وسيكون مصير السودان الحالي مثل يوغسلافيا. انتهى السيناريو الباقاني ولكن سيادته دلف لأمر ذي صلة بالسيناريو إذ قال إن في الشمال من يرى أنه بعد انفصال الجنوب بيوم واحد يجب أن يكون الشمال خالياً من أي جنوبي، وهذا اتجاه خطير في رأي السيد باقان ولكن سيادته لم يقل إن الدولة الجديدة سوف تتدخل لحماية رعاياها . وفي حديث ذي صلة قال القيادي في الحركة الشعبية دينق ألور إن هناك ثلاثة مسوحات أُجريت في الجنوب أكدت أن سبعين في المائة من شعب الجنوب مع الانفصال، وبالتالي فإن الحركة الشعبية لن تضطر لتزوير الاستفتاء وإن كان هناك تزوير سيكون لمصلحة الوحدة لأن الجنوبيين يطالبون بالانفصال منذ عام 1947، والواضح من كلام ألور أن الحركة الآن مع الانفصال. مازلت عند رأيي أن السيدين باقان أموم ودينق ألور كانا أقرب للوحدة على أيام الراحل قرنق لكنهما الآن لا يريدان التضحية بزعامتهما فتابعا الصوت الانفصالي العالي في الجنوب، لا بل زاودا على دعاة الانفصال القدامى فأصبحا من عتاة الانفصاليين. ولكن دعونا نعود لتصريحات السيد باقان أعلاه ونقول إنه يمكن أن يُقطع تسلسل السيناريو في حلقة من حلقاته، فمثلاً يمكن للحركة أن تعلن الاستقلال من جانب واحد من داخل برلمان الجنوب أو بواسطة استفتاء تجريه بعيداً عن المفوضية، وساعتها لن تعترف الخرطوم بالدولة الجديدة من أول وهلة ولكنها لن تأمر الجيش بالعودة للجنوب، ثم يتم تفاهم على ترسيم الحدود بين الدولتين بواسطة قرايشن أو من ينوب عنه، ويحدد مصير الجنوبيين في الشمال، وإن هناك شماليين في الجنوب يحدد مصيرهم هم الآخرون، ثم بعد ذلك تعترف الخرطوم بالدولة الجديدة (ياربي اسمها شنو؟) وكفى الله المومنين القتال. هذا السيناريو المعدل من سيناريو السيد باقان سوف يدفع الأمور إلى نهايتها بالسرعة التي تزيل التوتر الحالي ويختصر الزمن ويبعد عن بلادنا شبح( الغسلفة ) وهذه من يوغسلافيا ويرفع الحرج عن كثيرين، وأنا ما بفسر وأنت ما تقصر. التيار