صدي حكمة الشعب أمال عباس ٭ عندما تفقد أمة من الامم قيمها الاصيلة المتوارثة.. التي تتجسد في الكرم والحب والوفاء والامانة والشهامة.. تتحول بالضرورة الى حيوانات لا تحركها الا الغرائز البدائية والانانية الغبية. ٭ وأدبنا الشعبي مليء بأروع القيم الفاضلة.. وما احوجنا في هذا الزمن البغيض ان نتأملها ونستدعيها علنا نسترد بعضا من انسانيتنا التي كادت ان تذهب لها فرضيات الواقع الأليم. ٭ في ليالي الصيف المقمرة يتحلق اطفال وصبية وشباب قبيلة الحمران في شرق السودان ويتبادلون حل الالغاز وسرد الاحاجي واستعراض الامثال ومن ضمن ما يحكون قصة «الاعمى» والمكسر اللذين تعاونا على تنكر الجماعة لهما وبدآ رحلتهما معا ولكن لما حدق الشر بالكل آثر المقعد الحياة وهرب من ظهر الاعمى باكذوبة ولم يخبره بالخطر.. ويتدخل القدر ليحمي الاعمى ويكافئه على شهامته يرد البصر.. وكان يمكن للحس الشعبي ان يجعل المقعد على حاله جزاء لتنكره للاعمى وهروبه من وجه الشر.. ولكنها السماحة المتأصلة في اعماق الامة التي رأت ان ينتهي الشر وتسود فرحة الاعمى بنظره وفرحة المقعد بمقدرته على الانطلاق الاحجية كما يرويها الحاكي تقول: «كان في راجلين واحد اعمى والتاني مكسر وهما من العرب الرحل كل سنة يمشوا البطانة في الخريف.. واهلهم غلبوا منهم يشيلوا المكسر ويقودوا الاعمى.. مرة خلوهم في البطانة.. المكسر قال للاعمى ركبني في ضهرك وانا بقول ليك شمالك.. يمينك وانت ماشي.. قال ليه كويس.. المكسر يقول للاعمى يمينك شمالك طوالي ماشين بالسكة عديل.. المكسر علشان والف المكان كان عارف.. بعدين المكسر شاف حاجة هناك ماشة عليهم بتأكل الناس.. قام قال للاعمى دليني عاوز ابول بعدين «اتخبى» اندسا في جحر والحيوان البياكل الناس جاء يشم في الاعمى.. والاعمى يقول للحيوان يا اخي ما تهظر اركب خلينا نمشي.. اركب يا اخي اركب قام الحيوان ضحك ضحكة قوية لغاية ما انفقع «طاق» وطارت منو لحمة وقعت للزول الاعمى في عينو طوالي فتح ووجد الحيوان واقع ميت زعل زعل شديد من صاحبو المكسر يخليه للحيوان المخيف ويندسا راح طوالي شال ليهو عود كبير ورفعوا فوق عاوز ينزلو على رأس المكسر.. داك قام ناطي طوالي وجرى.. يعني كرعينو بقت كويسة وتاني اتفقوا وبقوا اصحاب ومشو كويسين لي اهلهم. هذا مع تحياتي وشكري الصحافة