في كل بلاد الدنيا شروط ومؤهلات محددة لمزاولة أي مهنة، ويزداد التشدد عندما يكون الأمر متعلق بمجال حيوي مثل الطب، فيطلب من الأطباء والعاملين في المهن الطبية المساعدة العديد من الشهادات والمؤهلات المعترف بها بجانب بعض الامتحانات والاختبارات، ثم ينالون شهادة ممارسة المهنة.ولا أعلم ماهو الحال في السودان، هل هناك شروط مماثلة واختبارات ومراجعات، أم أن الأمر مفتوح لمن هب ودب. وإليكم هذه القصة حملت أسرة صديقة ابنها الذي سقط على الأرض لمستشفى، خوفا من أن يكون تعرض لكسر أو أي عارض آخر، وكانت اقرب مستشفى مجاور لهم يحمل اسما أجنبيا وبه طاقم أجنبي متخصص في طب العظام ، كما تقول اللافتة. دفعت الأسرة رسوم مقابلة الطبيب، ثم رسوم التشخيص وصور الأشعة التي أثبتت عدم وجود كسر وإنما مجرد تمزق عضلي، والحمد لله،وكانت روشتة الطبيب، كما قيل لهم، تتضمن مسكنات ومرهم للمسح الموضعي. في الصيدلية الملحقة بالمستشفى فوجئت الأسرة برقم خيالي مطلوب دفعه للحصول على الأدوية، وعندما اعترضت ، قيل لها أن هذا هو السعر المحدد، كان البديل أن تحصل الأسرة على الروشتة لتشتري الأدوية من صيدلية خارجية،وكانت الإجابة \"لا يمكن!\" ننتقل الآن للفصل الثاني من المسرحية، قالت الأسرة لإدارة المستشفىأنها دفعت أجرة الطبيب والفحوصات، ومن حقها أن تحصل على روشتة العلاج، وهي حرة بعد ذلك أن تقبل أدوية صيدلية المستشفى أو تشتريها من خارج المستشفى. لكن كانت الإجابة المحيرة أن الطبيب لايعرف غير هذه الأدوية، أكثر من ذلك هو لا يعرف لا العربية ولا الإنجليزية، وبالتالي لا يعرف بدائل هذه الأدوية ولا يستطيع كتابتها إلا بلغة بلاده الآسيوية. عندما اشتد الجدل، وعرفت أسرة المستشفى الخلفية القانونية لأسرة المريض، أدخلت الروشتة مرة أخرى للطبيب على أن ينقل من صندوق الأدوية القادم من بلاده العبارات الإنجليزية التي تحدد الاسم الكيميائي للدواء ومن ثم طلبه من صيدليات أخرى. حملت الأسرة الروشتة لأقرب صيدلية وكانت إجابة الصيادلة \" لم نفهم شيئا مما هو مكتوب هنا، لكنه بالضرورة ليس اسما لدواء معروف\". دعونا إذن بعد رواية القصة أن نطرح تساؤلاتنا لمن يهمه الأمر: وزارة الصحة، المجلس الطبي، إدارة الخدمات العلاجية، المجلس القومي للصيدلة والسموم، لجان الرقابة الدوائية، الجهات التي تمنح ترخيص العمل للأطباء والكوادر الطبية، الجهات التي تصدق للمستشفيات الخاصة، اتحاد الأطباء، اتحاد الصيادلة هل الأمر فعلا فوضى أم أن هناك ضوابط ولوائح وشروط وتفاصيل أكاديمية ومؤهلات علمية ومهنية؟ كيف يمنح الطبيب إذنا للعمل بالسودان، وما هي مؤهلات العمل، هل يمكن التصريح للعمل لطبيب لا يجيد العربية ولا الإنجليزية. هل تتم مراجعة شهاداته ومؤهلاته، وما هي الجهة المسؤولة عن ذلك؟ هل يتحتم عليه معرفة الأدوية المسجلة بالبلاد أم أن ذلك ليس من الشروط المطلوبة؟ ثم نأتي لملف الأدوية، هل تقوم جهة ما بمراجعة الأدوية التي تتعامل بها هذه المستشفيات وتمنحها إذنا بالتداول بالبلاد أم أن الأمر لا يحتاج ولا يستلزم؟ وكيف تراجع جهات سودانية أدوية غير مكتوب مواصفاتها لا بالعربية ولا الإنجليزية، وكيف تدخل هذه الأدوية البلاد؟ وأخيرا هل من حق المستشفيات إلزام المرضى بالأدوية التي تباع في صيدلية المستشفى فقط، وهل هناك قوانين أو لوائح تنظم ذلك؟ الاخبار