تابعت عن قرب في خلال الأيام الماضية قصة مرض إبن اختي الصغير وشهدت بعضاً من احداث يوم عصيب بنفسي. اصيب الطفل الصغير بحمى تركته مجهدا، طريح الفراش لا يقوى على الحراك بعدما كان يجبرك على متابعة خطواته. تركته الحمى ايضا صامتا بعدما كانت ضحكاته الرنانة تملأ جوانب المنزل. وعجز الصغير ايضا عن إبتلاع الطعام وبات لا يتمكن حتى من شراب المياه او الدواء فنقص في خلال ايام قليلة قدر ملاحظ من وزنه. وشملت روشتة الطبيبة عدداً من الحقن بالإضافة إلى (دربات) لتسري في دم الطفل علها تعوض ما فقده من سوائل في خلال الأيام الماضية، وشددت علينا الذهاب إلى المستشفى مباشرة. وفعلا، تنفيذا لنصيحة الطبيبة ذهبنا مباشرة إلى قسم الحوادث وكنت انتظر ان نتمكن من الدخول مباشرة وتسجيل المريض. وظننت ان المدة التي سيستغرقها الأمر لن تتجاوز الدقائق المعدودة، لكن يبدو انني كنت حسنة الظن وكثيرة التفاؤل في آنٍ واحد. فطلب منا في الحوادث ان نبتاع ادويتنا بمفردنا، وكانت هذه اول صدمة. هذه ليست زيارة للطبيب نخرج بعدها إلى الصيدلية ثم المنزل! هذه مستشفى وهذا قسم الحوادث ويجب ان تكون الأدوية متاحة للمريض. ولم يؤتِ النقاش القصير اوكله، فلقد علمنا ان الأدوية ليست متوفرة اصلا. وخرجنا ومعنا الطفل المريض وهو لا يكاد يستطيع رفع رأسه بسبب الإعياء الذي يعاني منه لندخل الصيدلية التابعة للمستشفى. وفي الصيدلية وقفنا في إنتظار ملأ الروشته، وإستغرق الأمر وقتا طويلا تعبنا فيه من الإنتظار وسئمنا وليته بفائدة.فلقد اخبرتنا موظفة الصيدلية انها تمتلك الحقن فقط لكن ال(دربات) الموصوفة من قبل الطبيبة ليست متوفرة لديهم . الحل، هو البحث عن صيدلية اخرى تمتلك الدواء الذي وصفته الطبيبة وبدأت رحلة حول البلاد بحثا عن الدواء بينما المريض يعاني والأسرة مشفقة وتعاني ايضا. وفي النهاية، لم نستطع ان نجد الدواء في اية صيدلية فاضطررنا إلى العودة مرة اخرى إلى الطبيبة التي غيرت الروشته لتشمل نوعا آخر موجودا في الصيدلية. وإستغرقت العملية فترة طويلة وليست مجرد الدقائق التي (توهمت) انها ستكون من نصيب مريض الحوادث. وربما حضرنا نحن إلى الحوادث ولم يكن مريضنا يمر بحالة حياة او موت، لكن كيف كان سيكون الأمر لو كان وضعه الصحي اكثر حرجا؟ ووجدتني اتحدث مع نفسي الا غرو في ان يفقد المرضى منا حياتهم على بوابات الحوادث فالأدوية نفسها غير متوفرة في المستشفى. وكيف (بالعقل) يستطيع مريض الحوادث ان يدور على الصيدليات والمستشفيات بحثا عن دوائه؟ إن كانت به القدرة فلم يكن قد زار الطبيب اصلا. إنني لا اتفهم (ابدا) الأسباب التي تجعل من اقسام الحوادث (تحديدا) خالية من الأدوية الأساسية التي يحتاجها المرضى الذين يحولون عليهم. وهذا يطرح اسئلة كثيرة، هل عدم توفير الدواء بالحوادث هو قرار تتخذه المستشفيات بمفردها ام هو قرار من الوزارة؟ وهل هنالك إتجاه لتغيير هذه الخطة ام على المريض ان يجبر نفسه لكي (يدور) البلاد بحثا عن دوائه بدلا من ان يستلقي على فراش في المستشفى ليتلقى علاجه؟