بشفافية إتحاد المرأة: «الفيكم إتعرفت» حيدر المكاشفي كان «الطيب» وهذا إسمه الحقيقي، رجلاً طيباً بحق وحقيقة، فحينما كان موظفاً كبيراً بأحد الدواوين الحكومية قبل أن يتقاعد لوفاء المدة، ظل رقماً ثابتاً في كل لجان التكريم التي كان يتم تكوينها لوداع وتكريم مختلف القيادات، سياسية كانت أو تنفيذية أو تشريعية أو عسكرية حين يطرأ على أيٍ منها ما يستدعي التكريم أو الوداع، ومن موقعه هذا كان الطيب الطيب على إطلاع تام بكل تفاصيل الهدايا القيمة والفاخرة، عينية ومادية التي كان يظفر بها المكرّم أو المودّع، وكانت كلفة الهدايا ترتفع أو تنخفض وفقاً لمكانة المكرّم السياسية والتنظيمية، فكلما كان المحتفى به أعلى مقاماً سياسياً وتنظيمياً، لا بد أن تكون عربة فاخرة آخر موديل إحدى هداياه، هكذا مضى عُرف التكريم، إلا أن الطيب عندما حان «يوم تكريمه» لم يكن يؤمل سوى في أقل مستوى تكريمي، ذلك أنه لم يكن «إنقاذياً» لا من البدريين ولا التابعين ولا تابعي التابعين، بل أنه لم يكن «سياسياً» إبتداء، وإنما كان «حمار شغل» لا يهمه إن كان يعمل تحت حكم الشيطان نفسه المهم أن ينفذ بحرفية عالية ما يؤمر به ولعله لهذا السبب لم ينجو عنقه الوظيفي من مقصلة الصالح الخاص المسمى زوراً بالصالح العام وحسب بل واكتسب ثقة الجماعة، صحيح أنه لم يكن يتوقع تكريم من الدرجة الاولى ولا حتى الثانية ولكنه لم يكن أبداً يتصور أن يخرج من «مولد التكريم» وهو الذي كان أحد أهم مهندسي ومنفذي حفلات التكريم ببضعة دلاقين عبارة عن وشاحات وشعارات وأبيات من الشعر والكلام الانشائي الذي أُختتم برفع حقيبة بلاستيكية صغيرة تحتوي بداخلها على اشرطة القرآن المرتل ليتم تسليمها له كخير ختام لحفل التكريم وسط صيحات التهليل والتكبير، ومن شدة الغيظ والحنق خرج صوت الطيب عالياً لأول مرة في حضرة «القيادات»، فبعد أن إستلم الحقيبة وقبّلها تقديساً للقرآن الكريم قال بصوت جهور وهو ينظر ناحية القيادات «كتاب الله ما بناباهو إلا الفيكم إتعرفت»... وإتحاد المرأة بالتعاون مع ديوان الزكاة يفعلان بالفقراء والأسر المتعففة بالامس ما فعلته تلك القيادات بالموظف الطيب الطيب، وذلك بتوزيعهما كما جاء في خبر الزميلة رجاء كامل قبل يومين من عيد الفطر لعدد «23» ألف ثوب وعشرة ألف وخمسمائة عباءة وثمانية ألف فرشة صلاة وثمانية ألف مصحف على الاسر المتعففة بتكلفة بلغت واحد مليون وثلاثمائة وسبعة وعشرون ألف وخمسمائة جنيه «أكيد بالجديد»، وقد جاءت هذه «العطية» أو المكرمة في إطار ما سُمّى بفرحة العيد، عبايات وفرشات صلاة ومصاحف هي ما يدخل الفرحة على هذه الاسر في يوم العيد... فتأمل... الا يستحق إتحاد المرأة وديوان الزكاة أن يقال في وجههما «العبايات وفرشات الصلاة والمصاحف ما بناباها إلا الفيكم إتعرفت»، فهم يجلبون لبيوتهم أفخر الخبائز وأرقى أنواع الحلويات والتمور المستوردة والشطائر والفطائر وغيرها من المحمر والمشمر الذي تعمر به مائدة الافطار في يوم العيد ولا تجد هؤلاء الفقيرات في هذا اليوم سوى العبايات فيرتدينها وفرشات الصلاة فيفرشنها ويتقرفصن عليها ثم يبدأن في تلاوة القرآن الكريم، ومع ذلك يحسب ديوان الزكاة وإتحاد المرأة أنهما قد أحسنا صنعاً، فهذا سعي ولو كان حسن النية فلن يكون ذا معنى إن لم يدرجهم في خانة «الأخسرين أعمالا» فالأطعام من جوع أكرم وأفضل عند الله تعالى في مثل هذه الحالة من كل هدايا ديوان الزكاة وإتحاد المرأة لهؤلاء الفقيرات المتعففات الأكثر حاجة لما يسد الرمق وليس ما يستر الجسد فما فائدة جسد مستور على بطون تغرغر من الجوع بل ما فائدة جسد مستور وقد أنهكه المرض وهدّه التعب... والتحية للزميلة منى عبد الفتاح الكاتبة الجسورة والمجيدة التي نبّهت إلى هذه المفارقة بأخيرة «أحداث» الاول من أمس... الصحافة