تراسيم.. دبلوماسية المسيرية !! عبد الباقي الظافر ..بعد أن أرسل في طلب اكبر انجاله ..تحامل الناظر دينق مجوك على نفسه وجلس وهو على فراش الموت..طلب فى وصيته ان يقبر فى مرابع القبيلة بابيي..ويبنى على قبره ضريح مثله مثل مشاهير أهل السودان . ثم اسلم الروح لبارئها بقاهرة المعز فى عام 1969 . الدبلوماسي الأممى فرانسيس دينق اراد أن يخلد ذكرى والده فى كتاب اختار له عنوان (رجل يدعى دينق مجوك).. كتاب الدكتور فرانسيس حملت صورة غلافه الناظر مجوك فى زى عربي( جلابية وعمة وتوب) ..انه اللباس الذى يفضله الزعيم الراحل ..لم يكتفي فرانسيس بذكريات والده فقد خص الناظر بابو نمر ناظر عموم المسيرية بسفر مشهود اسماه (ذكريات بابو نمر ). الناظر بابو نمر ورفيقه الناظر مجوك صنعا بالجلباب التقليدي سلامًا نادرًا في مناطق التماس بين الدينكا والمسيرية ..كانا يعقدان في نوفمبر من كل عام مؤتمر قمة لمناقشة قضايا الرعية ..جعلا التزاوج بين القبيلتين جسرًا للتواصل ..بل إن مجوك ذهب لاكثر من ذلك وسمّى احد انجاله (مكي) تخليدًا لذكرى الناظر مكي الجلة .. صحيح إن ايام القبيلتين المتجاورتين لم تكن كلها هناء ورخاء ..فقد سال دم كثيف فى منتصف الستينات في بابنوسة ..هذه الاحداث المؤلمة مازال صداها قويًا ومؤثرًا في العلاقة بين القبيلتين الكبيرتين. الآن هنالك واقع قادم يمثل نقلة عاصفة فى حياة دينكا نقوك ومسيرية ابيي ..كل الشواهد تقول أن البلد في طريقه للانشطار..هذه الفرضية تعني ان ثمة تغيرًا جوهريًا وكبيرًا في الحياة يجب ان يسود في مقبل الايام . دينكا نقوك له وجود دائم فى منطقة ابيي المختلف عليها ..قبيلة المسيرية تشتهر برحلة الشتاء والصيف فى كل عام ..ولكن عنوانهم الدائم هو ابيي ..فيها يستقرون ثلثا العام ..ومن مشافيها تستخرج لهم وثائق الميلاد والممات ..والأهم من ذلك في دوائرها الانتخابية يقترعون ..على ضوء هذه الحقائق الماثلة يصبح تجريدهم من حق تحديد مستقبل المنطقة امرًا يجافي المنطق . في ذات الوقت ميلاد دولة جديدة في الجنوب يعني وفي كل الاحوال إن حركة المسيرية جنوبًا ستكتنفها بعض الصعوبات ..إن لم يحدث ذلك في العام الأول ..فسيصبح واقعاً في المستقبل القريب ..عليه يجب على الحكومة وزعماء المسيرية البحث عن خيارات صعبة للتوافق مع هذا الواقع ..بالطبع ليس من بينها الحرب. مشكلة اهلنا فى المسيرية انهم يمارسون الفروسية حتى فى خطابهم الدبلوماسي ..فتجد عبارات باطن الارض خير من ظاهرها ترد على لسان زعمائهم ..بل ان سياسيًا مدنيًا بقامة عبدالرسول النور يصرح على الملأ ان المسيرية لن يتخلوا عن سلاحهم ابدا. في ذات الوقت شركائهم في ذات الارض يستخدمون خطاباً ناعماً .يظهرهم بمظهر الضحية ..لا يميلون إلى التصريحات النارية إلا استثناءا..لهم وجود فاعل في المنظمات الأممية وتاثير طاغٍ في كابينة القيادة في الحركة الشعبية . باختصار للمسيرية قضية تحتاج إلى لسان ذرب لا عضل قوي . التيار