[email protected] ويلات جبران خليل جبران: (ويل لأمة تكره الضيم في منامها, وتخنع إليه في يقظتها. ويل لأمة لا ترفع صوتها إلا إذا مشت وراء النعش, ولا تفاخر إلا إذا وقفت في المقبرة , ولا تتمرد إلا وعنقها بين السيف والنطع. ويل لأمة سياستها ثعلبة ' وفلسفتها شعوذة , أما صناعتها ففي الترقيع. ويل لأمة عاقلها أبكم , وقويها أعمى , ومحتالها ثرثار . ويل لأمة كل قبيلة فيها أمة) . أطل علينا بالأمس السيد رئيس الجمهورية عبر منصة البرلمان (المجلس الوطني) ليعلن أنه (لن يقبل بديلا عن الوحدة في الاستفتاء علي تقرير مصير الجنوب) ويدعو في نفس الوقت لإعادة فتح اتفاقية (نيفاشا) للسلام الشامل مما يعني تعديل بعض بنودها في خطوة أشبه ما تكون بمحاولة العبد العاصي التوبة والاستغفار عند الغرغرة (المعني الغرغرة التي تسبق الموت مباشرة حين تصل الروح الحلقوم). إن الدعوة لهذه الخطوة المثيرة للجدل علي حد وصف جميع وسائل الإعلام التي تناقلتها هو بكل المقاييس تجديف في الهواء وقفزة في الظلام وهروب إلي الأمام لن يقدم أو يؤخر في أمر المأساة التي تبقى على توقيت حدوثها اقل من (مائة يوم من الوحدة غير الجاذبة!!) كنتيجة طبيعية للسياسات التي أصررتم ونظامكم عليها بعنجهية مبالغا فيها ونزعة (نير ونية) لا تمت لفن الممكن واحتراف لعبة السياسة بصلة قربى. وحسنا فعلت الحركة الشعبية التي كانت أكثر صدقا وواقعية حين أسرعت ورفضت هذا المقترح المقدم من رئيس الجمهورية على لسان رئيس نوابها في البرلمان السيد توماس واني حتى لو أدى ذلك المقترح لزيادة حصة الجنوب من السلطة والثروة ... برافو فلم يعد الوقت الشحيح المتبقي يسمح بهذه المناورات الساذجة ولا بنوعية هذا التعاطي السياسي المهين والأجدى في ما تبقى من الوقت السير قدما نحو حلحلة القضايا التي مازالت عالقة وتنفيذ البنود التي ما فتئت تراوح مكانها بلا حل تمهيدا لانفصال سلس يجنب البلاد والعباد مهالك العودة من جديد لمربع الحرب المريع فسيل التصريحات الصادرة من والوفدين المتحاورين طوال العشر أيام الماضية بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا لا تنذر بالخير بعد فشلهما في الوصول لاتفاق بشأن منطقة أبيي المتنازع عليها. ليجئ هذا المقترح فيزيد الطين بله ويصب مزيدا من الزيت على النار التي بدأت في الاشتعال. فعمليا وواقعيا نجد هذا المقترح غير قابل للنفاذ لضيق الوقت وعدم موافقة الحركة الشعبية والسيد الرئيس خير من يعلم أن أي تعديل في بنود الاتفاقية لابد إن يتم بموافقة الشريكين وعموما إذا كان سيادته يرى فيه مخرجا حقيقا من الأزمة العاصفة بالبلاد كان لابد أن يناقش أولا مع الحركة الشعبية قبل إن يصرح به ويطرح للعلن وفي ذلك احترام لها كطرف أصيل في الاتفاقية وحفظا وصونا لبنود الاتفاقية نفسها التي تنص على ذلك ولكنها العادة السيئة المتمكنة من عقلية نظام الإنقاذ والذي يظن واهما إن خيوط اللعبة مازالت بيديه والآخرين رهن إشارته. لقد دولتم المشكل منذ أمد وأصبح المجتمع الدولي وعلي رأسه أمريكا تدس انفها القذر في ابسط شئوننا الوطنية وانتم توقعون وتبصمون لقد قضي الأمر (والعصا ألبلا جزرة مرفوعة لمن عصى) وقوات (اليوناميد) التي فاضت بها البلاد لأول مرة في عهدكم الميمون تجوب بطول البلاد وعرضها متحفزة أم تراكم تريدون إعطاءهم المبرر الذي يبحثون عنه وبدل أن نفقد ثلث الوطن نفقد الوطن كله؟؟ مالكم كيف تحكمون؟؟ ولكم في العراق أية يا أولي الألباب ... سيادة الرئيس أحفظ على بقية الوطن ماء وجهه وأنسى الأمر (فالرماد قد كال الوطن والمواطن منذ زمن) وأي خطوة إلى الوراء سوف تنسف اتفاق السلام الهش وتكسر ظهر المتبقي من كرامة الوطن وتورثونا العار والبوار أما تراها سياسة (شمشون وهدم المعبد) خياركم الاستراتيجي الأخير؟!. لقد تأخرت سيدي الرئيس (واديتنا ألطرشة) دهرا متطاولا رغم المناشدات الصادقة المتكررة من القوى السياسية الحادبة على المصلحة الوطنية والتي حاولت وبذلت النصح مثني وثلاث ورباع لتدارك الأمر وتقويم العوج ولكن (لم يعبرها أحد) أو يعرها أذن صاغية حتى (ذاب الثلج وظهر المرج) وبطانة السوء في نظامكم تمارس الهرج والمرج فآثرتم سيدي الرئيس التفرد بالقرار والسير في ركاب (الحانوتية و التمرجيه ) وأحرقتم كافة السفن فصارت الحرب من وراءنا والانفصال أمامنا وقضي الأمر ولا مفر. تيسير حسن إدريس 13/10/2010م .