[email protected] كم سخيفة هي لعبة السياسة التي تقبل بان تعري وتمزق ثياب وجسد وطني وتشطره الى قسمين وتصادر حريتي في التجول والتنقل بلا تاشيرة وبطاقة هوية في ارضي ارض المليون ميل مربع. كم قاسية هي قلوب حكامنا وهم يرون مشاهد دراما تفكك وحدة ابماء هذا الوطن وقوافل الرحيل الابدي ناحية الجنوب ام الشمال واقلاع جذور الذكريات وهجر الديار وملحمة الانفصال0. لا اعرف هل ابكي مع سائر من يبكي ويزرف الدمع الثخين من ابناء بلدي لاحساسنا العميق باقتراب ساعة فقدان تراب وطبيعة وسحر جنوبنا الحبيب الذي حباه الله واهله الطيبون البسطاء ام افرح واكبر مهللا مع مواكب وعرس حكومتنا القائمة وقادة واهل الانقاذ تلك الفرحة التي تثلج صدور الامريكان واسرائيل وعموم دول الغرب على هذا الانجاز والاعجاز والحدث التاريخي الذي لا يفصل من تحقيقه الا اياما معدودات بحساب التعبئة التي تتبعها حركة الجنوب وتصريحات سلفاكير بكل وضوح بانه سوف يصوت للانفصال...عندما يدلي الاخوة الجنوبيون باصواتهم في الاستفتاء في مطلع العام القادم الذي اقترب كثيرا ودنت انفاسه الحارة كاللهب ، وشعور معربد صاخب متزايد من السخط والحنق والغضب والحقد يحدوهم ويملاء نفوسهم . حتما ولاول مرة سابكي في فضاءات بعيدة وواسعة بحرقة والم موجع وسيسمع بكائي وصوتي كل من به صمم ،سافضفض عن حزني بالبكاء، مكتوب لي ان ابكي خارج خط التماس ماشئت حين يضحك الساسة والحكام في القصور والقاعات، فلست مسرورا ومغتبطا بضياع وانفصال هذا الجزء الغني بموارده البشرية والاقتصادية والذي هو شرياننا الموصول بقلب افريقيا النابض ، فنحن نفاخر الامم والشعوب ونضرب لها مثلا بامتداد ووحدة سودان المليون ميل مربع ،نزهو بهويتنا وبتعدد اعراقنا وثقافاتنا ولهجاتنا وتعايشنا وعروبتنا وافريقيتنا ، سودانيون وننتمي لهذا السودان القارة السودان ،الوطن الواحد ، السودان القومي ،حقا اتلعثم في الحديث ان قلت انا عربي نبيل او افريقي اصيل ، يكفيني ان اختصر واقول بملئ فمي بانني سوداني ،غرست بذرتي في ارض افريقيا، حملتني مريم افريقيا ووشمتني قبائل ومن سماحتها وعشقها للتنوع والتطور والتفرد ارضعتني حضارات وثقافات وعادات مختلفة عربية وزنجية ، انتمائي لبلدي يختزل قوميتي وكل الثقافات عندي ، انتماء يرضيني . ولم تكن الوحدة عصية علينا ان نحن كنا قد جلسنا على مائدة الحوار والوطن الواحد الموحد ةنبذنا الفرقة والشتات والاختلافات الطائفية والحزبية والعرقية والمصالح الضيقة والاطماع وسوينا مشاكلنا بنفس ديمقراطي حر وخرجنا بالحل الوسط الذي يرضي ويسعد جميع الاطراف ونخرج لهذا العالم الذي يتربص ويراقبنا عن كثب بوطن واحد وسودان واحد ، نظام ودستور يسع الكل ويعيش فيه الجميع من اقصى الجنوب الى الشمال ومن جبال الشرق الى رمال الغرب لا شك ، فمن تسلسل الاحداث والمعطيات التي توالت وتسارع نبضها في الشارع السوداني والتي ادت لهذا الفوران والانقسام المفجع والغليان والفتن ، يتضح جليا لكل من له بصر ثاقب ان كل الاطراف التي دشنت لهذا الانفصال ، لم تكن الوحدة هي غايتهم ، بل مطيتهم نحو الانقسام وتاطيره ..فالحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة سلفاكير وباقان اموم وياسر عرمان استطاعوا ان يفقهوا مصالهم وونوعية الحوار والجدل المثير للكوامن والذي يؤدي للانفصال مع شريكهم حزب المؤتمر الوطني ،كسبوا الرهان وفصلوا جنوبنا الحبيب عن شماله وكانت هذه هي غايتهم وسوف يستلمون زمام الدولة التي كانوا يحلمون بها غير ابهين للتحديات الجسام التي سوف تواجههم وتواجه شركائهم. وحكومة المؤتمر الوطني بقيادة البشير وعلى عثمان وجميع ما في الفلك المشحون نجحوا ولم يحيدوا عن هدفهم الاسمى لقواعدهم في ارساء قواعد الدولة الاسلامية ،الخالية من الكفار والوثنيون والمبادئ الاعلمانية على امل ان ترسى مراكبهم ومواكب دولتهم في ما يقتطعوه من ارض وحدود في الفصل الاول من التقسيم ،وبذلك يكونون قد حذفوا وشطبوا للابد وبلا رجعة ذاك الجنوب المسيحي والوثني واللاديني المتمرد والغير عربي من خريطة السودان والذي هو حجر عثرة امام ستراتيجيتهم وتطلعاتهم ،ووادوا اكبر معارضة مسلحة تخيفهم وتهددهم وتهز عرش دولتهم ،واضعفوا بل كسروا شوكة معارضيهم من احزاب الشمال والقوى السياسية التي ما عاد لها صوت وماعاد تخيف هذا المارد الذي تربع على عرش السودان الجديد . وامريكا خصوصا والغرب عموما يهمهم ان يشعلوا نار هذا الانقسام فهم يرون في حكومة الجنوب القادمة ضالتهم المنشودة وما يشدون عليه الرحال والامال غدا ( ليتحكروا باطمئنان ) في منطقة وادي النيل الاستراتيجية الموقع ،ويكونوا قاب قوسين او ادنى من اهدافهم ومصالحهم ومن اعدائهم ومن تلك البؤر التي يرون فيها بذور الارهاب. حقا لا اعرف كيف يكون الحال بعد الانفصال هل نحلم بدولتين متجاورتين يعيشان في امن وسلام ، وتمتد بينهما اواصر القربى وهجرات القبائل الموسمية نحو المراعي و....و.... ام ان القادم عاصفة هوجاء يسكنها صوت الاستفتاء لا اعرف كيف اعيد التوازن لنفسي كي افكر بواقعية لاقرا واستنبط تطورات الاحداث وسط هذا الجو الضبابي القاتم الرؤية. كبدي على وطني وابناء وطني الكبير في ان يكونون وقودا ودروعا وضحايا للحروب ان حلات بالبلاد لعنة الانفصال والمحن والكروب