أُعلن في الرياض عن بدء أنشطة الهيئة القومية لدعم الوحدة بين الشمال والجنوب، وتعتبر الهيئة هي أول عمل نوعي يلتف حوله أبناء السودان بمختلف ألوانهم السياسية، حكومة ومعارضة، اجتمعوا خشية من قرار مجنون، ربما يقضي بتجزئة أرض المليون ميل مربع.. نعم اجتمع أبناء السودان بمختلف ألوانهم السياسية وتوحدوا من اجل أن يبقى السودان وطنا واحدا موحدا، ولتبقى الاختلافات السياسية قصة أخرى من المُعيب أن تروى والناس تستبق من أجل الوحدة. اللافت أن العاصمة السعودية الرياض عُرفت على مدى سنوات طويلة بشراسة الاختلافات التي تلحق في أحيان كثيرة الضرر البليغ بالوطن، حتى قيل إن «الشيطان أبو قرون سوداء» يرأس اجتماعات السودانيين في الرياض، ولكن هذه المرة أقبل أبناء السودان وهم على وضوء يكره الشيطان، فكوادر الحكومة والمعارضة في السعودية يجلسون على منصة واحدة، يجمعهم عشق الوطن، بجغرافيته التي لا يريدون أن تتغير بتجزئة الوطن، حتى لا تقف الأجيال القادمة حائرة وهي تتساءل من الذي أجرم في حق الوطن، وأصابه بالانقسام، وأضاعنا كما أضاع إخوتنا لنا بالأمس الأندلس. وينبغي أن يكون للهيئة القومية التي تجمع خبرات مقدرة من أبناء الوطن دور إيجابي يتلمسه الناس على الأرض، وأن تخرج من الرياض، وتتوجه بوفودها إلى حيث أرض الجنوب الحبيب عبر القوافل الصحية والثقافية، وتخاطب أهل الجنوب مباشرة بأن الوحدة خير لهم ولعموم أهل السودان، وأن الانفصال سيكون شراً مستطيراً.. وأن تجرى الحوارات المثمرة التي تفضي إلى إجماع حول أهمية الوحدة.. وأن يعمل جميع منسوبي الهيئة على أن الوحدة أمر يمكن تحقيقه، فبهذه الروح يمكن إحداث اختراق يحدث التحولات التي ستغيظ أعداء الوطن، وعلى أقل تقدير تحييد أنصار الانفصال، وإقناعهم بنبذ ضيق الانفصال، وجلبهم طوعاً إلى سعة الوحدة.. وبطبيعة الحال ما يبذل من عمل وجهد مخلص في السعودية، هو عمل يتكامل مع ما ينتظم البلاد من جهود حثيثة من أجل الوحدة، حتى أصبح حديث عامة الناس الوحدة التي حري بنا أن نسهر الليالي من أجلها، حتى لا يدون التاريخ أن أهل السودان ارتكبوا حماقة كبرى عندما ورثوا وطنا واحدا موحدا، ومؤهلا أن يكون إحدى أغنى الدول، حينما فرطوا في وحدته في لحظة غابت فيها المسؤولية الوطنية. وعندما نقول بهذا الحديث ندرك أن غالبية أهل الجنوب لا يريدون أقل من الوحدة، غير أن المخاوف تكمن في أن تصبح أصوات الصقور أقوى وأمضى من أية نتائج قد تأتي بها صناديق الاستفتاء.!.! وتظل أحلام أهل السودان في الجنوب والشمال، بأن يتوافق قادتهم على إبقاء الوحدة خياراً جاذباً، حتى لا نجلب لبلادنا مصاعب جديدة، تنسف كل ما تحقق من مكاسب للشمال والجنوب، ويكون الضحية الوطن وإنسانه الحالم بغدٍ أفضل يبعده عن هواجس الحروب، ومخاوف الفرقة والشتات.