مياه تحت التبن..!! د. مرتضى الغالي كتب احدهم مقالاً في صحف الخرطوم عنوانه (افصلوا الجنوب.. فقلت: اذاً فليمد أبو حنيفة رجليه....!! وهذه العبارة قصتها معروفة.. خلاصتها انك قد تعقل رجلك في المجلس وتطويها محتملاً الألم لو كنت تشكو من الرطوبة أو الفكك او (عِرق النسا) احتراماً لمن يجلس أمامك... ولكن اذا كان حديثه مثل الرجل الذي جاء الي مجلس ابو حنيفة وكان حسن الهندام، تبدو عليه سيماء العلماء.. فخجل ابو حنيفة الذي كان يشكو ألماً في رجليه وعقصهما احتراماً للرجل.. وبادر الرجل أبي حنيفة بالسؤال - كما في بعض الروايات- وقال له: متى يفطر الصائم؟ فظنّ ابو حنيفة ان هذا السؤال (مقدمة ذكية) لقضية شائكة وقال للرجل: يفطر عند غروب الشمس..فإذا بالرجل (الوجيه) يقول لأبي حنيفة: واذا لم تغرب الشمس حتى اخر الليل؟! هنا قال ابو حنيفة: إذن فليمد ابو حنيفة رجليه...!! مثل هذا أصبح يحدث (في هذا الزمن اللازوردي) فماذا حدث لبعض السودانيين يا ترى؟! تحسب انهم من أهل الرجاحة، فإذا بهم يلجئونك الي ان تمد رجليك، حيث لا حاجة لأن تعقلها تأدبا في حضرة الحوار الراشد.. ومن الغرائب ان بعض الناس الذين يتعاطون الشأن العام ما زالوا يُخدعون بشعارات المؤتمر الوطني، ويدافعون عنه، ويؤكدون انه (يريد الخير للجنوب) وانه عال العال في الشمال.. ويعتقدون ان مواطني الجنوب هم الجاحدين والمعتدين على المؤتمر الوطني (الذي يدللهم اكثر من اللازم)... في حين انهم يعلمون ان المحرقة الحقيقية (التي يسمعون عنها من بعيد) دارت رحاها في جنوب الوطن، وتركت خلفها القتل والتشريد الذي طال الملايين..ولكن ماذا تقول لمن يضعون ايديهم في العسل...!! كاتب المقال يحاول ان ينسب عبارة (افصلوا الجنوب) لرأي قديم وحوار بين السياسيين في خمسينيات القرن الماضي.. ولكن يتضح من المقال الإعجاب ب(منبر السلام العادل) الذي يدعو الي الانفصال من باب العنصرية... ويرى المقال ان تصرفات الجنوبيين أوجدت الآلاف من امثال صاحب المنبر..!! وكأن الناس لم تكن تقرأ ما تفيض به دعواه من جاهلية كريهة و(استعلاء خامل).. فهل يمكن ان تنطلي على أي عاقل ما كانت تطفح به دعوة الانفصال العنصري من غثاء وابتعاث للفتنة من مراقدها...ثم لماذا الاستنكاف من نقد أهل الجنوب للحكومة المركزية، وهي حكومة احتكارية أقصت أهل الشمال كما اقصت اهل الجنوب؟؟!.. فماذا حملت زيارات قادة المؤتمر الوطني للجنوب حتى (يطمبروا) لها كما دعاهم كاتب المقال..؟ وهي زيارات لم تخرج عن الدعاية السياسية العقيمة (الوخرية) المتأخرة التي تكتسي بالمظهرية و(الشوفونية) بعد ان ادرك المؤتمر الوطني الورطة التي وضع فيها السودان...!! هل أصبحت الحقائق تنطلي على الناس هكذا؟ ام انها العنصرية المستترة؟؟ اما اذا كانت الغفلة تأتيك من الذين تظن فيهم الحصافة ومناصرة المواطنة والحرية والعدالة... (فليمد ابو حنيفة رجليه).....!!!! اجراس الحرية