زمان مثل هذا الجامعه.. جامعه حُره (2) الصادق المهدي الشريف تحدثنا بالأمس عن قرار المحكمة الإدارية المصرية العليا عن (إلغاء / طرد) الحرس التابع لوزارة الداخلية من الجامعات. القرار جاء بناءاً على حيثيات قانونية وادارية حاسمة وبيناتٍ عن تدخل الحرس في العملية التعليمية وتسببه في الكثير من المضايقات للأساتذه والطلاب. هذا الحالُ منقولٌ بالمسطرة والقلم الى جامعاتنا... فالجامعات السودانية منذ تسعينات القرن الماضي تعاني من... قوات الحرس. وهي قوات تتبع (والله لا ندري لايِّ جهة تتبع قوات الحرس الجامعي)... رُبَّما للداخلية أو الأجهزة الامنية، أوقد تتبع لايِّ جهة من الجهات الكثيرة التي اصبحت بمرور الزمن قوات نظامية مثل حرس الحدود أو الجنجويد أو حتى الحركة ال... ولكن لا يمكن الزعم أنّها تتبع لإدارات الجامعات، لأنّها إن كانت كذلك فلا بد أن تأتمر بأوامر مديري الجامعات... وإلا فبأوامر مَن تأتمر؟؟؟. مايفعله الحرس في الجامعات كان متسقاً مع هياج حقبة التسعينات... حيث المعتقلات النارية، وبيوت الاشباح، والطلاب الضباط. حقبة التسعينات كانت حقبة (الهياج الكبير)... هياج العناصر الاسلامية وإستقوائها بسلطة الدولة، وإندياحها في بقية الناس ركلاً وتمكيناً. كانت الاجهزة الأمنية والشرطية بلا عدد، أمن شعبي... وأمن إيجابي... وأمن عام... وأمن خاص... وشرطة عامة... وشرطة شعبية... وشنو... وشنو. وكان من المعتاد أن لا يعرف أحد لمن تتبع قوات الحرس الجامعي... فالبطاقات (الكارنيهات) كانت على قفا من يشيل، لا تختصم مع أحد إلا ويخرج لك بطاقة (معاك قوات نظامية) وبعدها... عينيك ما تشوف إلا النور. لكنّ الحرس الجامعي تخصص في الطالبات... تخصصاً كاد معه أن يحصل على شهادة عالمية. ورغم أنّ هناك قوة نسائية داخل الحرس تسمى (المرابطات)، لكن مع فوران العناصر الرجالية، كانت المرابطاتُ يجلسنَّ بلا عمل، وحين يعملنَّ فإنهنَّ (يعملنَّ عمايل). من بين كلّ عشرة من الطلاب، كان الحرس الجامعي يوقف ثمانية طالبات بخصوص الزي (أو ايّ أجندة أخرى). وقد يصل الامر الى حرمانهنَّ من دخول الجامعة وتفويت المحاضرات عليهنّ... بسوء تقدير فردي لا يسندهُ أي قانون. وحينما تقومُ المظاهرات كانت قوات الحرس الجامعي تختفي في لمح البصر، لأنّها تعلم مقدار التعبئة الطلابية ضدها. ومع ذلك كان لذلك الحرس دور كبير في القبض على الناشطين السياسيين، وعلى كوادر الأحزاب المعارضة... وهو دورٌ لا ينكرونه. لقد إنتهت حقبة التسعينات، بخيرها وشرها، ومرت مياه كثيرة من تحت الجسر، وكما تغيرت المفاهيم والمؤسسات فإنّه ينبغي أن تتغير النظرة الحكومية للجامعات. وهي نظرة قابضة ذات طابع أمني... أنتجت مردوداً اخلاقياً سيئاً، تتحدث جهات الإختصاص عن نتائجه على صورة... مخدرات وجنس وإيدز. آن الأوان لتعود للجامعات سيرتها الاولى... تلك الجامعات التي جمعت فأوعت... وتلك التي ينتظر منها الوطن إخراج القادة وحملة مشاعل المستقبل. وإيقاف أو إلغاء الحرس الجامعي هو بداية طريق العودة الى تلك السيرة الأولى... وإن كانت القضية هي بحث عن وظائف، فليبحثوا لهم عن وظائف اخرى بعيداً عن الجامعات. ولكنّ القضية تحتاجُ لمن يتصدى لها... من خريجي تلك الجامعات من المحامين والقانونيين الذين إكتووا ذات يومٍ بنيران الحرس!!!!!!!!!!. التيار