ساخر سبيل الفاتح يوسف جبرا الحي الله والكاتل الله لن أكون مبالغاً إن قلت بأنه لا توجد لدينا جهة رقابية وااااحدة (شايفة شغلها) ، إبتداء من مراقبة الأطعمة والمطاعم مروراً بمراقبة (السلع الفاسدة) والغير مطابقة للمواصفات إنتهاء بمراقبة المباني والإنشاءآت إلى آخر الجهات المختلفة المناط بها عمليات المراقبة والتأكد من الجودة وعدم المخالفات ، معظم الجهات الرقابية إن لم يكن كلها (نايمة فى العسل) لكنها فى ذات الوقت حريصة على تحصيل رسوم التصاديق المختلفة .. أما ماذا يحدث بعد ذلك (فده مش شغلها) ! دفعتنى الظروف مؤخراً لعمل بعض الأشعة والتحاليل فإتجهت إلى أحد أماكن (التجمعات الطبية) التى توجد بالقرب من إحدى المستشفيات الحكومية الكبرى بالعاصمة التى كانت (مثلثة) ،وجدت لافتة مكتوب عليها (معمل تحاليل ........) دخلت لأفاجأ بأن المعمل هو عبارة عن (كشك) مشيد من (الزنك الأمريكى) لا تزيد أبعاده عن أربعة أمتار في تلاتة أمتار(كنت أحسبها إستقبال) ، ما أن دخلت حتى وجدت أن العاملين بالمعمل يتناولون إفطارهم وهم يضعون (صحن الفول) على (تربيزة التحاليل ) ! وحيث أنه لا يوجد مكان للإنتظار فقد ظللت واقفاً حتى تقدم نحوى أحدهم وإستلم منى ورقة الفحص ثم أدخل يده فى أحد الأدراج وأخرج (مفتاحاً) أعطاه لى مع (قارورة العينة الفارغة) وهو يمسك بى من يدى خارجاً من الكشك نحو الشارع العام : - (وهو يشير بيده) : معليش يا استاذ بس (الحمام) بتاعنا هناااك .. شفتا البقالة ديك .. القداما ست الشاى .. تلف على يمينك تلاقى عيادة بتاعت (دكتور فلان) تلاقى الحمام هناك وما تنسى بعد ما تطلع تقفل الطبلة معاك ! لوهلة تأملت هذا الواقع المؤلم قبل أن أعيد (المفتاح) لذلك الشاب معتذراً له بنسياني بعض الأغراض بالعربة (زوغان وكده) فكما يقول المثل (الجواب واضح من عنوانو) فكيف اثق فى تحاليل هذا المعمل الذى يفتقد لأبسط الأساسيات ؟ من المسئول عن مراقبة هذه المعامل؟ بل من هو المسئول عن منح التصديقات لها؟ ألا يدخل مثل هذا الذى يحدث فى مثل هذه المرافق الطبية من عبث فى باب التلاعب بأرواح (الشعب الفضل) ؟ قصصت الحكاية لصديقى الطبيب (ع) الذى أخبرنى وهو يضحك قائلا : - ياخى شارع المستشفى ده فيهو حاجات إنتا ما ممكن تصدقا أبداً ، وبدأ يقص لى وسط حيرتى بأن هنالك سماسرة يعملون لصالح مختبرات يجلسون داخل العيادات وما أن يخرج المريض من الطبيب وهو يحمل ورقة الفحوصات المطلوبة حتى يدور الحوار التالى : - السلام عليكم - عليكم السلام - عاوز ليك معمل كويس؟ شفتا بس تمشى معمل (التحاليل الفريدة) القدامك دااك - لاكن الدكتور قال ليا أعمل الأشعة المقطعية دى فى مختبر (التحاليل الأكيدة) - يا خى ناس التحاليل الأكيده ديل مكنتم بتاعت المقطعية بايظة أنا أمبارح مشيت ليهم ! لا تمض دقائق قليلة حتى يتمكن (السمسار الطبى) من إقناعك بالذهاب إلى الوجهة التى يعمل لصالحها بل وحتى يضمن (حق السمسرة) فهو يمشى معاك (الحجل فى الرجل) حتى يسلمك لموظف الإستقبال فى المختبر. لما رأى صديقى الدكتور (ع) علامات الدهشة على وجهى ضحك مرة أخرى وهو يضيف لى قائلاً : - وبرضو يا أستاذ فى سماسرة صيدليات - سماسرة شنو؟ وديل بيعملوا شنو؟ عرفت من صديقى الدكتور (ع) أن هذه الفئة تتبع نفس نظام سماسرة المعامل فما أن يخرج المريض من الدكتور حاملاً (الروشته) حتى يخاطبه قائلاً : - السلام عليكم - عليكم السلام - لو عاوز دواء مضمون بس أمشى صيدلية (الشفاء السريع) ديك أدويتهم كلها سويسرية أصلية ! - لكن الدكتور قال ليا أمشى أجيب الأدوية دى من صيدلية (الكاتل الله والحى الله) ! - يا زول إنتا عاوز تلعب بي روحك؟ - كيف ألعب بي روحى؟ - شفت الصيدليات دى كووولها أدويتا (ضاربة) وصلاحيتا منتهية .. إلا صيدلية (الشفاء السريع) دى .. ياخى أسألنى أنا ! وبعد ثوان تجد نفسك وأنت تتجه نحو صيدلية الشفاء السريع وأنت تردد فى داخلك : - الحى الله والكاتل الله !! كسرة : يبقى الوضع كما هو عليه وعلى المتضرر (لو لسه ما حصل أمات طه) اللجوء إلى القضاء !