تراسيم في هذه.. أصاب عمر!! عبدالباقى الظافر [email protected] يجيد حسن الترابي إرسال التمريرات القصيرة والتي تحمل إشارت غاية الذكاء.. كنا نتحلّق حوله مجموعة من الصحفيين في ديوانه الفسيح عقب عودته من الدوحة.. والترابي بين ابتسامة وتلويح بالرأس قال لنا \" مشكلة دارفور أنّ أهلها مسلمون\".. وقبل أن نظن السوء بالشيخ الكبير شرح الرجل متون رأيه الغريب وقال دارفور تستحق ورثة الجنوب في السلطان.. عددهم يماثل الجنوب مساحة وسكاناً.. ومن قبل كانوا مملكة مستقلة.. وكانت إشارة حسن الترابي تريد الاستثمار في منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية والذي سيشغر بعد أسابيع قليلة . في الجهة المقابلة كان الرئيس البشير يعلن بوضوح رفضه لمقترح حمله له الوسطاء في الدوحة القطرية.. المقترح يعطي دارفور منصب نائب رئيس الجمهورية.. ويصون هذا الأمر بنص دستوري واضح لا لبس فيه يجعل المنصب حصرياً لأبناء دارفور . السؤال هل منصب النائب هذا ما ينقص دارفور الجريحة.. من قبل كان الخليفة عبد الله رئيساً لعموم جمهورية السودان.. وتقلد الفريق عبد الماجد حامد خليل منصب النائب الأول للرئيس نميري.. فيما شكل الدكتور علي حسن تاج الدين حضوراً فاعلاً في باحة القصر الجمهوري في حكومة الإمام الصادق المهدي.. آخر الداخلين والخارجين إلى قصر الرئاسة كان مني مناوي.. ماذا أضاف هذا التمثيل الرفيع لإنسان دارفور المسكين . رؤية حسن الترابي بأحقية دارفور في وراثة الدور الجنوبي في الساحة السودانية تكتنفها كثير من الثقوب.. دارفور كانت ممالك كما كان كل السودان دويلات متفرقة.. وزعم عودتها إلى السودان بعد الحرب العالمية الأولى ليس دقيقاً.. دارفور كانت ممثلة في السودان التركي كرهاً أو طوعاً.. أمّا المهدية فهي ثورة الغرب السوداني.. من على جباله انطلقت وبجيوشه انتصرت .. دارفور التي يتصورها الشيخ ليست كيانا واحدا وموحدا.. دارفور الآن تمثل أكثر أجزاء السودان فرقة وتناحراً.. من بين أهلها من له امتدادات خارج الحدود.. ومنهم من له ارتباطات عرقية بقبائل في السودان الشمالي ..بهذا المنطق ستظل دارفور جزءاً من السودان الجديد.. التمازج الاجتماعي بين أهل الغرب والسودان النيلي هو الأكبر.. الدين الإسلامي يظلّ عاملا موحدا وليس مفرقاً في هذا المقام . صناعة دستور جديد يكرس للمحاصصة الجهوية ردة عصرية.. زنوج أمريكا يمثلون نحو عشر السكان.. كل أمريكا يحكمها الآن رجل أسود.. أمعن الشعب الأمريكي النظر في مؤهلاته ولم تشغله خلفياته العرقية . الترابي عندما كان حاكماً مطلقاً على السودان كانت المقاعد الثلاثة الأولى مشغولة برجال من عشيرة واحدة.. وقتها كان بإمكان الشيخ الترابي أن يمنح دارفور منصب رئيس الجمهورية لا نائبه ولكنه لم يفعل . هنالك حقائق واضحة.. الآن تمثيل دافور في القصر الرئاسي ضعيف جداً.. الحزب الحاكم تخلى عن تقليد قديم كان فيه نواب للمسئول الحزبي الأول من نواحي السودان المختلفة.. ليس لدارفور مقعد أمامي في قيادة المؤتمر الوطني . التمثيل الجيّد لا يعني أبداً المحاصصة الدستورية.. ولدارفور ان ترنوالى رئاسة الجمهورية ولكن من باب غير المحاصصة الجهوية . في هذه النقطة أصاب عمر وأخطأ الترابي .