تراسيم.. كلكم للحاج آدم !! عبد الباقي الظافر لا أحد تصور أن يقود أستاذ الهندسة فارع الطول انقلاباً عسكرياً في السودان.. ولكن تلفزيون الخرطوم أعلن الدكتور الحاج آدم هارباً من العدالة.. الحاج فاجأ الحكومة ولم يرتد إلى أهله في غرب السودان في رحلة الهروب.. الحاج آدم لاذ بصديق قديم من خلفاء الختمية في منحنى النيل.. الخليفة في رواية ذات سند جيد تولى تدبير رحلة خروج والي الشمالية السابق.. علاقة الوفاء تحولت إلى صلة طيبة وأصبح للحاج آدم نخلات يحصدها من تلك القرية كل عام. كتب على الحاج آدم أن يفاجئ الناس كل حين.. كان واحداً من ثلاثة وزراء استقالوا من الحكومة نصرة لشيخهم الترابي الذي أفضت مفاصلة رمضان إلى خروجه من دهاليز الأمر والنهي في الخرطوم.. ذات المفاجأة تكررت أمس الأول ومرسوم جمهوري يقتلع خبير الهندسة الزراعية من مكتبه العتيق بجامعة الخرطوم ويحيله إلى نائب رئيس جمهورية يطل مكتبه على النيل مباشرة. القراءة الأولى في مراسيم الرئيس التي قضت بترفيع الأستاذ علي عثمان إلى منصب النائب الأول وتعيين الحاج آدم في منصب الرجل الثالث في جهاز الدولة القراءة تقول: لا جديد.. الشيخ علي عثمان كان يمارس مهام الرجل الثاني في الدولة قولاً وفعلاً.. نيابة الجنرال سلفاكير تقهقرت جنوبا منذ الشهور الأولى لإعلانه نائباً أول.. وتعيين نائب ثانٍ من أطراف السودان ليس أمراً جديداً.. من قبل شغل الفريق جورج كنقور ذات المنصب وأعقبه البرفسور موسيس مشار. إلا أن هنالك ملاحظات.. ملء المقاعد الامامية في رئاسة الجمهورية يعني أن الحزب الحاكم قد اقتنع بأن مشاركة أحزاب ذات وزن أصبحت مثل السراب.. فأراد أن يجعل الأمر دولة بين أهل الحزب.. اختيار الحاج آدم تحديداً يحمل دلالات.. أولاها أن تاريخ المفاصلة الدامي بين الإسلاميين يمكن أن يتحول إلى مشاركة مثمرة.. وأن التحول بين الضفتين لا يخرج من الملة.. وأن الوحدة أمر ليس ببعيد.. كما أن اختيار الحاج آدم المعروف بالصلابة وقوة الشخصية تؤكد أن الاختيار لم يكن مجرد (تمامة جرتق).. الحاج آدم كان الصوت الوحيد في الحزب الحاكم الذي أشار إلى إمكانية عودة عقار والياً للنيل الأزرق. عموماً يمكن أن يكون اختيار الدكتور الحاج آدم أمراً له معنى إذا فكر الحزب الحاكم بعقل مفتوح وركز على الأبعاد الاستراتيجية.. بمعنى أن يكون دخول الحاج آدم إلى القصر العتبة الأولى لإعلانه مرشحاً لرئاسة الجمهورية.. الرئيس أكد أن هذه ستكون دورته الأخيرة.. واقترح رجلاً شاباً ليس من قيادات الصف الأول الحالية.. الرئيس يحبذ خياراً من خارج جيل الأربعينيات الذي يحيط به في القصر والحزب. الحاج آدم ربما يكون الأنسب بكل المعادلات.. آدم مولود في منتصف الخمسينيات.. انتماؤه الجهوي لدارفور يمكنه من إطفاء نار غضب الهامش التي امتدت من دارفور مروراً بكردفان وحتى النيل الأزرق.. الحاج آدم في دارفور تعود جذوره لقبيلة عربية وهذه معادلة أخرى.. سياسياً الحاج منذ نعومة أظفاره لم يعرف انتماءً لغير الحركة الإسلامية مما يجعله مصدر ثقة بين الحاكمين.. إدارياً تولي الحاج مناصب سياسية وتنفيذية عديدة بجانب كونه أكاديمياً مرموقاً نال قسطاً من تعليمه في بريطانيا. ربما يكون آدم كلمة السر التي توحدنا من جديد. التيار