مناظير زهير السراج [email protected] الرفيع والرقيع ..!! * لم اتخيل ان يظل سلوك الانسان السودانى الذى نال قسطا وافرا من التعليم وعاش فى العالم المتقدم فترات طويلة وتولى وظائف رفيعة جدا فى الخارج تقتضى الدقة فى العمل والالتزام بالمواعيد ، وتعامل مع كبار الساسة والدبلوماسيين الاجانب وعايش تعاملهم المتحضر ورأى إلتزامهم بقواعد الاتيكيت المعروفة .. لم اتخيل أن يظل سلوكه بدويا فجا يتصف باللامبالاة والسطحية والعشوائية، فهل هو ( جين ) مزروع فى حامضنا النووى لا يغيره تعليم ولا يخفف من تأثيره السلبى العيش مع المتحضرين، ام ماذا ؟! * اتصل بى قبل بضعة اسابيع شخص يشغل منصبا رفيعا باسم السودان بالخارج وصاحب تجربة طويلة فى العيش بالعالم المتقدم، وقال بانه حصل على هاتفى من صديق مشترك وهو يرغب فى لقائى والتعرف بى بشكل شخصى ثم دعا نفسه للغداء بمنزلى وحدد لذلك اول ايام عيد الاضحى فرحبت به اشد الترحيب وقلت له بان بيتى بيته ويمكنه ان يحضر فى اى وقت وبدون اية دعوة مسبقة او اتصال وسيجدنى باذن الله فى انتظاره فى كل مكان وزمان ..!! * وبما ان الرجل شخصية اجتماعية معروفة بالاضافة الى المنصب الرفيع الذى يشغله مما يجعل الكثيرين يتوقون الى التعرف اليه، اقترحت عليه أن ادعو صديقين اعرف عنهما ثقافتهما الواسعة وحسن اختيارهما للمواضيع وادارة الحديث فوافق مشكورا، فاتصلت بالصديقين ووجهت اليهما الدعوة للقاء بالرجل وتناول طعام الغداء بمنزلى فقبلا الدعوة برغم انها فى اول ايام العيد الذى يحب معظم السودانيين قضاءه فى بيوتهم او فى البيت الكبير مع امهات وآباء الزمن الجميل ..!! * قبل يومين من العيد اتصل بى الرجل وقام بتعديل موعد الدعوة الى يوم الوقفة، فلم اتردد فى الموافقة برغم صعوبة اليوم، كما اننى وأفراد أسرتى درجنا على الصيام فى هذا اليوم كما يفعل الكثير من المسلمين، واتصلت بالصديقين اللذين لم يمانعا فى الحضور فى الموعد الجديد اكراما لى ولضيفى الكريم ..!! * قبل يوم من الدعوة اتصل بى الرجل ليؤكد حضوره ويأخذ عنوانى بالكامل، بل وسألنى أن كان بامكانى أن أذهب معه لاداء واجب اجتماعى بعد تناول طعام الغداء، فرحبت بمرافقته التى أتشرف بها كما قلت له برغم اننى لا اعرف الشخص الذى يريد الذهاب اليه ولم اسمع به من قبل ..!! * حضر الصديقان وجلسنا فى انتظار الضيف، وعندما تأخر اتصلت به خشية ان يكون قد ضل الطريق إلا انه قال ببدون ان يعتذر انه لن يتمكن من الحضور بسبب وفاة قريب له فى البلد أمس وهو يبحث عن تذكرة سفر للذهاب لاداء واجب العزاء ولكننى عرفت من حديثى معه وتلعثمه انه يكذب، فعزيته فى قريبه وألقيت اللوم على حظى السئ الذى لم يسمح لى برؤيته والتعرف اليه وكررت له ترحيبى بحضوره الى منزلى فى اى وقت!! * بالله عليكم .. بماذا يمكن ان نصف هذا التصرف ، واذا كان هذا هو سلوك الانسان الرفيع، فكيف يكون سلوك الرقيع ؟! .