عن فساد المتأسلمين : من يحاسب هذا وأمثاله؟ د.زاهد زايد [email protected] نشأ في أسرة متواضعة هي للفقر أقرب ، في قرية من قرى ولاية نهر النيل ,عن انتمى باكرا لجبهة المتأسلمين , شأنه شأن كثير من شباب فقراء القرويين الذين تصطادهم وتجندهم الجبهة مستغلة حماسهم الفطري للدين وحاجتهم وفقرهم الديني والمادي . بعد تخرجه من الجامعة عمل موظفا صغيرا في معتمدية العاصمة القومية كما كانت تسمى في ذلك الوقت وكان غاية ما يتمنى أن يتدرج في وظيفته بالترقي . يوم زواجه حضر شيخهم الكبير لعقد القرآن بنفسه مما يدل على مكانه في التنظيم . لم يتخيل يوما في أحلامه أن تتغير أحواله بمثل ما حدث له فقد كان يومها لا يملك غير راتب وظيفته وسيارة قديمة كانت يربط غطاءها الأمامي ب(سلك) حتى لايطير مع الهواء ويسكن في بيت متواضع بالإيجار في أحد أحياء الخرطوم الشعبية ، إلى أن قامت الإنقاذ واستولى المتأسلمون على السلطة . تولى بوضع اليد العميد يوسف عبد الفتاح معتمدية الولاية وقفذ صاحبنا ليصبح مديرا لمكتب المعتمد ولعدم دراية وخبرة المعتمد الجديد بمتطلبات وظيفته الجديدة أصبح مدير مكتبه هو الرقم الأول في المعتمدية لا تدخل ورقة ولاتخرج من المعتمدية إلا من خلاله وترك المعتمد يتجول في الشوارع والأسواق تصحبه كاميرا التلفزيون يروع التجار ويوهم الناس بعهد جديد ينزل فيه المسئولون للشارع لحل مشاكل الناس بينما إنفرد صاحبنا بإدارة المعتدية لينفذ أمرين لا ثالث لهما: كانت أولى مهامه التنظيمية احالة المعارضين والخصوم ومن يشتم فيه رائحة المناكفة للصالح العام فتم فصل العديد من الشرفاء والطنيين من وظائفهم بمجرد خطاب يرسل اليهم ، وتم احلال كوادر المتأسلمين مكانهم فتولى العديد منهم الوظائف المهمة والمفصلية أو ترقوا إليها بلا استحقاق ولا مؤهلات. أما مهمته الثانية فقد كانت شخصية بحتة وهي اشباع رغبته في التملك والغنى مما يعكس ما كان يحمله في نفسه من حرمان وفقر عاشه وعرف مرارته فلم يردعه دين ولم يمنعه وازع أخلاقي من استغلال منصبه للوصول لغايته. كانت أولى صفقاته التي فاحت رائحتها في ذلك الوقت استيراد المعتدية للركشات لأول مرة التي جنى منها هو والمعتمد أموالا طائلة ثم توالت الصفقات وقد كان له في كل تصديق أو رخصة نصيب معلوم , وقد عرف مع مرور الزمن كيف يفرض نفسه كشريك في الصفقات والمشاريع المربحة التي تتطلب موافقة المعتمدية. غادر هذا الوظيفة بعد أصبحت الوظيفة عبئا عليه وبعد أن امتلك البلايين فاشترى البيوت والشقق في حى العمارات والطائف والرياض وأصبح يقود سيارة بآلآف الدولارات ولأولاده سيارة ولزوجته ثالثة ويحرس الفيلا التي يعيش فيها الآن في قلب الخرطوم أفراد من شركة الهدف الأمنية . لم تهبط علي صاحبنا هذا ثروة من السماء ولم يرثها عن أبيه الذي مات فقيرا معدما لايملك شيئا من حطام الدنيا فمن أين له كل هذا وقد كان مجرد موظف صغيرا في المعتمدية ؟ فمن يحاسب مثل هذا ؟ ومن يسأله من أين له هذا؟ في زمن اللاجئين والنازحين والمعسكرات؟