مناظير هل نحن شعب عقيم ؟! زهير السراج [email protected] * ذكرنى برنامج ( دلوكة ) الذى قدمته الأستاذة نسرين النمر فى العيد عن تاريخ الدلوكة والغناء النسائى أو ما يعرف عندنا (بغناء البنات) البرنامج العظيم ( صور شعبية) للراحل المقيم الأستاذ الطيب محمد الطيب المتخصص فى التراث الشعبى السودانى، ومع الفارق الكبير بين ( الدلوكة ) وما قدمه لنا الراحل العبقرى بحكم التخصص والخبرة الطويلة والكايرزما الهائلة، الا ان نسرين نجحت فى جذب المشاهد حتى نهاية اللقاء الذى تخللته نماذج غنائية عديدة قدمتها مطربات معروفات ومتميزات فى هذا المجال على رأسهن الفنانة القديرة ( نصرة على ) التى تتميز بمقدرتها الكبيرة على نظم الأغانى أثناء الغناء وهى عملية صعبة تحتاج الى موهبة شعرية وغنائية لا تتوفر الا للقليلات، كما شاركت حنان بلوبلو و بهاء وصباح وريماز ميرغنى وغيرهن والأخيرتان من الجيل الجديد الذى أثبت موهبته وتميزه فى الأداء الرائع والصوت الحسن وبقى عليه أن يضيف الجديد الذى يثرى ساحة الغناء ويرطب الوجدان الملتهب للشعب السودانى ويترك الاعتماد على أغانى الغير..!! * الحقيقة المؤلمة التى لا بد أن نعترف بها ونحاول تحليل أسبابها ومعالجتها حتى تستمر رحلة الابداع السودانى، هى انه ما من مبدع رحل عن دنيانا الفانية إلا واستحال على شعبنا تعويضه فهل نحن شعب عقيم ؟! * النماذج والأمثلة كثيرة ومتنوعة على هذا العقم فى كل مجالات الحياة بدءا من الفكر والعلم والأدب مرورا بالسياسة والصحافة والعمل العام وانتهاءا بالفن والرياضة .. إختر اى مجال وقارن بين الذين ارتادوه فى فى السابق وبين من جاءوا بعدهم !! خذ مثلا السياسة ، اين نحن الان من المحجوب ومحمود الفضلى والأزهرى وعبدالخالق محجوب، واذا اخذنا الأدب اين نحن من التجانى يوسف بشير والهادى ادم وفراج الطيب، واذا اخذنا الفكر أين نحن من التجانى الماحى والنذير دفع الله والكارب، واذا اخذنا التعليم والعمل العام أين نحن من بابكر بدرى وميسرة السراج وهاشم ضيف الله ، وإذا أخذنا الفن التشكيلى أين نحن من الصلحى والوقيع، واذا اخذنا الغناء اين نحن من الكاشف وأحمد المصطفى وعثمان حسين ووردى وشرحبيل وخوجلى عثمان، وحتى فى الغناء النسائى أين نحن من عشة الفلاتية ومنى الخير وأم بلينة السنوسى وهادية طلسم ، وكل هذه نماذج فقط على سبيل المثال لا الحصر لشخصيات عظيمة كانت تنثر الابداع فى دنيانا ذات يوم منهم من رحل ومنهم من تقاعد ( أطال الله عمرهم) ولكن لم يحل محلهم أحد ، فلماذا وماذا يحدث لنا ؟! * قد يكون السبب المشاكل الكبيرة التى نعايشها ولكنها ليست مشاكل جديدة وان كانت قد استفحلت، وقد تكون طبيعة النظام السياسى الحاكم التى لا تشجع الابداع ولكن فى الكثير من الانظمة المشابهة فى بلاد العالم الأخرى وحتى فى بلادنا تفتحت الكثير من الزهور، فما هو السبب الحقيقى؟! انا بصراحة لا اعرف والباب مفتوح للنقاش والتحليل ..!!