حاطب ليل (وتسافر من غير وداع) عبد اللطيف البوني فناننا ابراهيم عوض غنى لوداع الحبيب كثيرا، فاسمعه يغني للطاهر ابراهيم. (ساعة وداعنا انا دايرك تحضر ماتقول نسيت لازم تتذكر الناس تتباكى والدموع تتقطر بتقطع قلبي انت لو تتأخر) ثم اسمعه وهو يشدو ( قطاره اتحرك شوية شوية من بعيد بإيدو لوح لي بكت عينيهو وبكت عيني يالله متين حلمك علي) اما ابراهيم عبد الجليل فغنى من كلمت تلودي (من بف نفسك ياالقطار ورزيم صدرك دمعي سال وينو الحبيب انت شلتو جيبو ياالقطار) وسيد خليفة غنى من كلمات سيف الدسوقي (اودع اودع كيف اودعكم اغادركم وتبقى عشرة الايام) واضاف لها سيد من عنده (لا لاما بقدر) لزوم الجملة اللحنية ويمكننا ان نعدد الكثير من الاغاني التي تتكلم عن الوداع وغرضنا من ذلك ان نثبت ان وداع المسافر امر متجذر في ثقافة وسط السودان فهو يدل على طيب العشرة التي سبقت وأمل اللقاء، فإبراهيم عوض غنى (متين ياربي تاني تلمنا قريب ياربي ان شاء الله تلمنا ). هذة الرمية قفزت الي ذهني وانا اقرأ في مقال للاستاذة الكاتبة الصحفية رشا عوض تحدثت فيه عن عدم الوداع الذي حدث للجنوبيين الذين غادروا للجنوب في الايام القليلة الماضية والذين كتبنا عنهم في هذا المكان مقالا بعنوان (رصوا الهديمات عدلوا وركبوا اللواري وقبلو) وهذا المقطع مأخوذ من اغنية شايقية باكية للاستاذ السر عثمان الطيب . قالت رشا ان الدكتور جعفر كرار المقيم في الصين نبهها لهذا الامر وتمنت رشا لو ان منظمات المجتمع المدني والاحزاب خارج السلطة قامت بوداع هؤلاء المغادرين للجنوب ولاشك عندي ان هذا الامر في غاية الاهمية وتشكر الاستاذة انها كتبت عنه وذكرت الناس به والعبد لله مثلها يتمنى لو ان كان هذا الوداع قد حدث لأنه يعبر عن البعد الانساني في العلاقة ولأنه يشعر هؤلاء المغادرين بأنهم كانوا يقيمون مع اناس يحفظون العشرة، هذا بالاضافة للمغزى السياسي لعملية الوداع، فقد كانت ستوضح ان الانتماء الوطن اهم من الانتماء الحزبي. معروفة الظروف الموضوعية التي ادت الى ان يأتي هؤلاء الاخوة الى الشمال ويمكثوا فيه ماشاء الله لهم ان يمكثوا ويرجعوا دون ان تنمو علاقات انسانية مع الشماليين، فاللاسف علاقة الشماليين بالجنوبين والعكس كذلك ظلت متأثرة بالبعد السياسي ولم تنشأ علاقة انسانية، فقد ذكرت من قبل قصة الشاب الجنوبي الذي طلبت منه ان يساعدني في رفع زجاج العربة فقال لي انه طوال مكثه في الشمال لم يطلب منه شمالي ان يساعده في فعل شيء حتى ولو كان (دفرة عربية). ربما تكون ظاهرة وداع المسافر لاوجود لها في الثقافة الجنوبية بدليل ان الجنوبيين الباقين في الشمال لم يودعوا اولئك المغادرين ولكن هذا ماكان يمنع ان تقوم المؤسسات المدنية الشمالية بإظهار مشاعر الوداع الطيبة لهؤلاء المغادرين عسى ولعل ان تزرع بذرة امل لعلاقة مستقبلية طيبة . هؤلاء المغادرون كانوا من قاطني الاحياء العشوائية فيبدو لي ان الامر سيكون مختلفا لو كان هؤلاء العائدون من قاطني الاحياء المخططة لانه حتما كانت ستكون لهم علاقات طيبة مع جيرانهم ومن المؤكد أنه كنا سنرى (الناس تتباكى والدموع تتقطر) فإذن الخطأ كان في عدم احترام المؤسسسة الرسمية لهؤلاء العائدين الآن فقد كان ينبغي ان يميزوا تمييزا ايجابيا ويعاملوا معاملة مواطنين درجة اولى من حيث الخدمات التي تقدم لهم في العاصمة، لكن قل لي ياصاح لو كان هذا قد حدث لما كان هناك تقرير مصير وتسجيل للاستفتاء وعودة من غير رجوع. السوداني