( صواع الملك ) المهرجلون!! فيصل عبد اللطيف * [email protected] إلى أين نمضي؟ .. ما وجهتنا؟ إلى أين تقودنا سياسات المغاضبة ورد الفعل، وقرارات \" رزق اليوم باليوم \"؟، لا خطط ولا استراتيجيات، أو قراءات مستقبلية وطنية ، وبالتالي البرامج ملتقة.. هل حقاًن نتبين مواضع خطانا، أو نحسب للخطوة قبلاً.. كيف تتخذ الحكومة قراراتها؟ وكيف يدير حزب المؤتمر الوطني أمور البلد ، بوصفه الحزب الحاكم، الذي يمسك بأوراق كل القضايا ، في ظل شراكة لم تبارحها الشكوك والمكايدات، وانتهت عملياً بعد أن وضعت الوطن في طريق المجهول .. لا الحكومة، ولا المؤتمر الوطني، يعدان بعناية للقرارات والتصريحات التي يصدرانها، ومعظمها خطيرة ومصيرية، هذه الأيام بالذات.. والبينات أكثر من أن تحصر. فمثلاً نائب رئيس الجمهورية الأستاذ على عثمان يقول أمام حشد شرقاوي إن السودان، بعد انفصال الجنوب، سيعيش السودان ( ما يتبقى منه) رخاء ما بعده رخاء، وسيزداد قوة اقتصادية وعسكرية!!.. ( حساب أم كوار)، وفي الوقت نفسه يهدد السيد صلاح قوش بحرب مدمرة.. والمؤتمر الوطني نفسه يعلن أن استضافة الحركة مجموعة من قادة حركات دارفور هي بمثابة نفض اليد عن ( نيفاشا) والعودة للحرب. وصاحب ( الانتباهة) ينادي بغزو عسكري لضم تخوم دولة الجنوب إلى الشمال! وفي منحى آخر يصف السيد عوض الجاز نيفاشا بأنها اتفاقية شارك فيها ( الجميع )، بمعنى أن ضياع الجنوب وتفكيك الوطن مسؤولية مشتركة، والمؤتمر الوطني لا يذهب بوزر هذه الجريمة! يتساءل كثيرون .. أين جيش المستشارين المعينين في رئاسة الجمهورية، أين الخبراء الدكاترة الذين نادتهم الحركة الإسلامية من أصقاع الدنيا .. أين رأي هؤلاء، أين مشورتهم .. ما بال المستشارون يتقاضون الرواتب ولا يعملون، أم لا يستشارون؟ أم يشيرون ولا أحد يأخذ بما يقولون؟ ولكن هل نسينا أن معظم المناصب الاستشارية التي تحيط بالرئاسة الآن هي ترضيات ، وتمشية حال لقوى نازلت السلطة، وأخرى هي حصيلة مرحلة الانشقاقات، والت وآثرت الهامش. وبعض المستشارين في عداء واضح مع من يفترض أن يقدم له مشورته !! وللأسف البعض منهم لا يستطيع أن يشور على نفسه.. ناهيك عن أن يقطع برأي في قضايا وطن مأزوم حد الاستغاثة.. هذه الصورة عن مدخلات القرار، وأهمها الدراسة والاستشارة، تفسر ( الربكة الحاصلة) .. قرارات خطيرة تتخذ دون اعتبار تأثيراتها ، تصريحات من هنا وهناك تثير أزمات، فينبرى من يصححها أو يعدلها، أو يعتذر عنها. كأن كل واحد يريد أن يقول : أنا حاضر وموجود، لئلا يفقد فرصته ، ويخرج من ( اللعبة ) في مرحلة ما بعد الانفصال، وإعادة الترتيب المنتظرة.. والحال كذلك، كما يقال، والدراسة السابقة للقرار منقوصة أو (أصلاً ما في )، والمستشارون كما عهدناهم، لا حراك، وكل مشغول بنفسه، وبإبقاء الحال على ما هو عليه من بؤس واضطراب، أرى من الأجدى أن نؤسس ل ( ثقافة استقصاء الرأي) ولو فات الأوان، أو ضاق الوقت.. على الأقل لمعرفة موقف الشارع من القرارات ومن أوضاع البلد، والمستقبل الغامض المنتظر، فالتوظيف ( الاستشعاري) للاستطلاعات غير متوقع.. وأيضاً لا نتوقع أن تأخذ الحكومية بهذه الآلية المهمة السائدة في الديمقراطيات.. فيبدو أنها قانعة باستطلاع التظاهرات، وقياس صدى الهتافات المؤيدة، ومستوى التجاوب مع رقص القيادات فوق المنصات والعربات وعلى المسارح.. !! ولذلك يبقى أن نتطلع إلى المجتمع المدني .. ولكننا نسأل هل الفرصة متاحة، والسبل ميسرة، ولا عوائق تضعها ( الأجهزة) ذات المسميات البراقة، أمام منظمات وطنية متخصصة ومؤهلة، تريد إجراء استطلاع للرأي حول القضايا المصيرية العديدة، أو حتى حول الأوضاع المعيشية؟. الآن الساحة خالية من أي جهة يعتد بها ترصد مواقف الشارع من خلال استطلاعات علمية.. أنظر قضية مهمة جداً مثل الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب ، أو في الحقيقة تظاهرة إعلان الانفصال، لا نرى من يهتم بها، ويرصد رأي الناس في الجنوب والشمال، أو بين جنوبيي الشمال، الذين تزايد حولهم الحكومة والحركة. وغلاء المعيشة الطاحن، تصريحات وزير المالية عن ( العودة إلى العواسة)، تصريحات مصطفى عثمان إسماعيل وتهديداته بالعودة إلى الحرب .. و( حقنة كمال ) التي حملت جنوبي الشمال على الرحيل، وقضية أبيي .. كلها موضوعات تصلح لاستطلاع الرأي حولها بطريقة منهجية .. ( غير اللقاءات التلفزيوينة العاطفية). وإذا كان استطلاع الرأي هدفه مصلحة عامة مفترضة، فإن الاستقلالية أهم عنصر للوصول إلى نتائج موضوعية نسترشد بها، أما الهيمنة ومحاولة التأثير أو التوجيه، والدفع بالمنظمات المدجنة، فلا توصلنا إلى أفضل من ( استطلاع الهتافات، وسير سير) .. وإذا كانت الحكومة والمؤتمر الوطني لا يفضلان آلية الاستطلاع ، أو يتعذر توفير الجو الصحي المطلوب لإجرائه، والبرلمان في الغالب لون واحد.. والشريك مشغول بترتيبات الانفصال، والمعارضة تائهة وتتخبط، فهنالك آلية معقولة، وهي الاستعانة بآراء القراء في المواقع الإلكترونية للصحف، وفي المنتديات الرصينة، وردودهم على المقالات، ومداخلاتهم في القضايا الحوارية .. فهي مشورات ونصائح من مواطنين قلوبهم على الوطن.. إذا كان هناك من ينتصح! الأخبار [email protected]