[email protected] ظلت (رفقة) تضع هاتفها النقال على اذنها وتستمع إلى صوت الرنين الرتيب إلى ان انقطع الاتصال .. كانت تلك محاولتها العاشرة للاتصال برقم المحمول الذي كان قد اشتراه (بكري) ليستخدمه في اتصالاته، بعد عودته للبلاد في اجازة قصيرة يقضيها مع اسرته قبل ان يعود لغربته، وليتعارف ويخطو خطوة يدعم بها علاقته الاسفيرية مع (رفقة)، والتي استمرت لمدة عام كامل عبر أحد مواقع التواصل الاجتماعي، وينقلها من مرحلة نقة الماسنجر الدقاقة لمرحلة (شوف العين)، والشروع في وضع اساسات البناء للعلاقة وانزالها الى ارض الواقع المعاش، فكم سهرا الليالي يتبادلان انخاب العشق ويتجادلان حول ادق تفاصيل حياتهما المستقبلية .. حتى عدد الابناء واسماء البنين منهم والبنات تم تحديدها بعد جدالات بيزنطية لم تخضع لجدلية من جاء أولا (البيضة أم الدجاجة) .. كان أول ما قام به (بكري) بعد شرائه لشريحة محلية أن اتصل على (رفقة) .. لم تكن المرة الأولى التي يسمعان صوتي بعضهما، فقد وفرت لهما تقنيات الكومبيوتر مكالمات رخيصة مبذولة لذة لمرتشفي العشق الاسفيري، ولكن ما سلبه الراحة هي النغمة الحنونة ورنة الانوثة عندما جاءه صوتها بعيدا عن رجع الصدى في فضاء الاسافير .. جاءه الصوت ناعسا ناعما رقيقا فلفحته نسمة لهوجة واشتياق لشوف العين .. بعد السلام وبث الهيام تواعدا على اللقاء مساء في احد المطاعم السياحية .. اخبرته عن لون لبستها ليتعرف عليها فأخبرها ان لا تخاف فقد حفظ ملامح وجهها (صم) من صورتها التي كانت تزين ملفها الشخصي في الموقع، ثم اخبرها بما سوف يرتدي فناكفته بأنها ايضا تحمل تفاصيل صورته بين الضلوع .. كان (بكري) يطلع شقيقته الصغرى وخازنة اسراره (بهيسة) أول بأولاً، بتفاصيل تطور علاقته مع (رفقة)، لذلك لم يتحرج في ان يخبرها بالموعد المضروب للقيا عندما ضبطته وهو يتحضّر للخروج مساء ، لكن (بهيسة) اصرت على ان تصحبه لتخفف من الارتباك ولخمة كبكبة اللقاء الأول كما اقنعته، كذلك لكي توفر له وجهة نظر انثوية في المحبوبة، خاصة وان تبلورت الامور في اتجاة (الجد) ودخول الكلام لحيشان البيوت . دخل (بكري) إلى المطعم تتبعه (بهيسة) وهي تجتهد للحاق بخطواته المسرعة، وكأن اقدامه تسبقانه لتنال شرف الشوف قبل العينين .. لفته (لون زينب) في البلوزة التي تلبسها شابة تجلس وظهرها للمدخل .. توجه إليها وفجأة إلتفتت الشابة ورأته فوقفت على قدميها وقد اضاء وجهها بابتسامة ترحيب .. لم تخبر الصورة (بكري) عن قوام (رفقة)، لذلك قاوم الصدمة والتشكك عندما استقامت واقفة فقد كانت نحيلة دقيقة القوام كطفلة .. لم يستمر اللقاء طويلا وشكّل وجود (بهيسة) حاجز تكلّف اضافي، فلم تفهم (رفقة) وهي قد اتت وحيدة، السبب الذي جعل (بكري) يحضر معه (اختو الصغيرة)، فقد تمنت اللقاء لاكثر من عام وتخيلت ما يحدث أو يقال فيه، ولكنها قطعا لم تكن لتحلم بوجود (طسة)، لذلك لم تستطع ان تمنع نفسها من تجاهل تلك الدخيلة، خاصة وان (بهيسة) لم تسهل على (رفقة) الامر، بل ظلت تتفحصها من اخمص اقدامها وحتى سبايب شعرها تحت الطرحة الحريرية الصغيرة .. افترقوا دون وعد باللقاء، ولكن (رفقة) همست ل (بكري) وهي تودعه ب (بستنى منك تلفون بعدين) .. لم يف (بكري) بالوعد، فقاومت (رفقة) مشاعر الحرج واتصلت عليه هي بعد مرور اسبوع على لقائهم، ولكن هالها البرود الذي استقبل به مكالمتها واعتذاره الواهي بالمشغوليات الاجتماعية من مواصلة ارحام وفواتح ومناسبات حدثت اثناء غيابه، بل وانهى المكالمة دون أن يحدد موعدا للقائهما أو يبدي الرغبة في مقابلة أسرتها، وهي التي هيأت أمها بأن (في زول حا يجي يقابل أبوي قريبات دي) .. ظل الهاتف يرن، فقرر أخيرا أن يجيب .. سألته لكسر الجمود عن (بهيسة) وماذا كان رأيه فيها فأجابها بقسوة مقصودة، وكأنه استعار لسان أخته ليعبر عن احباطه من المقابلة: والله قالت انتي ضعيفونة شديد ووشك فاير ومليان حبوب !! أحست (رفقة) بخنجر يخترق صدرها وقبل ان تجيب أضاف قائلا: بصراحة أنا ذاتي فوجئت بالحكاية دي .. صورة الملف ما ظاهرة فيها الحبوب .. عملتي ليها (فوتو شوب) تمااام !! الرأي العام