(صواع الملك) من دون صهيون .. بذتنا صهاينّا !! فيصل عبد اللطيف [email protected] يريد البعض أن يرمي باللائمة كلها على إسرائيل في ما يجري لبلدنا ، وما يحدق به من مصائب ، والمصير الغامض الذي نمضي إليه .. وإذا كان الأمر كما يزعمون : لإسرائيل يد في الشاردة والواردة، فلا يستطيع أي إنسان عاقل إلا أن يغبط حكام تل أبيب على ذكائهم، وقوة الإرادة لديهم، وبعد نظرهم ، وتخطيطهم الدقيق .. ذلك إذا كانت إسرائيل وراء كل أمراضنا، ومشاكلنا، وشقاء الشعب، وفي النهاية تفتت الدولة.. ولكن هذه ليست الحقيقة كلها، فمن الملاحظ أن هناك من يريد التخلص من حكم التاريخ، ويسقط التهمة، بل الإدانة، ويرميها على عدو خارجي ، فسياسة \" تحويل الانتباه\" معروفة في المناهج الإعلامية. القضية ليست إلى هذا الحد من المبالغة التي نسمعها تروج ، ففي هذه الظروف الصعبة هناك من يحاول بتخطيط، أو تخبط ، نفض اليد من أي مسؤولية عن الجريمة ، وإلصاقها بإسرائيل ، أو أمريكا، أو الغرب، أو \" دعاة العلمانية\"، أو \" أعداء الشريعة\"، أو \"مناهضي المشروع الحضاري\".. وبعضهم يحاول أن يشيع القدرية ، وأن هذا إبتلاء لأهل السودان .. كما يقول المثل \" رمتني بدائها وانسلت\". هل إلى هذا الحد إسرائيل داخلة في تفاصيل حياتنا؟. . سمعت الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد (المراقب العام للاخوان المسلمين في السودان )، يقول ويجزم: إن إسرائيل تعبث بأطفال السودان ، وتستهدفهم في صحتهم بلقاحات فاسدة تستخدمها وزارة الصحة، وهو يتحدى أي جهة مختصة أن تجلس معه وتناقش هذه الكارثة ، إن صح ما يقول.. دعونا نساير من يغلبون ( أدوار ) إسرائيل وبصماتها في السودان ، ونسقط هذه التهمة على كل ما حدث .. فإسرائيل كانت وراء فضيحة المحاليل الوريدية الفاسدة، التي استوردت قبل أعوام ، وإسرائيل وراء الأسمدة الفاسدة ، أو منتهية الصلاحية، التي استوردت لمشروع الجزيرة، وقد أفاض فيها الإعلام بما يكفي .. ولا نتيجة ، وأيضاً إسرائيل وراء الغموض الذي يحيط ما يسمى \" مشروع سندس الزراعي \" ، الذي استثمر فيه كثير من المغتربين، والحقيقة تائهة إلى الآن!! وإسرائيل لها يد في الحقائق الصادمة التي أعلنها المراجع العام عن الفساد المالي والاختلاسات، ورفض بعض الجهات الحكومية أن تراجع حساباتها، وكذلك لإسرائيل يد في التمويه في تأسيس الشركات التي تكون الدولة طرفا فيها ، للتخلص من المحاسبة والمراجعة !! وإسرائيل هي التي خططت لنقل النفايات البشرية من اليونان وعملت على دفنها في السودان، لولا اكتشاف الفضيحة، وأفشلت مشروع ترعة كنانة والرهد، كما أن إسرائيل هي السبب في أحداث \" سوق المواسير\" وضياع أموال البسطاء. وقبل ذلك إسرائيل هي التي رتبت لانقلاب 30 يونيو على الديمقراطية، وهي صاحبة فكرة \" بيوت الأشباح\" !! على أي حال لا أبرىء إسرائيل من كثير من النشاطات الاستخبارية، والإسرائيليون أنفسهم أحيانا عند اللزوم يكشفون بعضا من جوانب تنفيذ خططهم، ليس فقط في السودان ولكن في العالم العربي والإسلامي كله.. فهذه حرب، والحرب تستلزم استخدام كل الأسلحة .. وعلى كل جانب أن يستعد ويتصدى.. ولكن لا يجب أن نتوسع هكذا في اتهام إسرائيل، والصهيوينة العالمية، ونحاول تبرئة أنفسنا ، والسياسات التي قادت البلد إلى ما نحن فيه. لهؤلاء الذين يأخذون راحتهم بالكامل في \" تحويل الانتباه\" باتهام الصهيوينة، وتحميلها كل مصائبنا، ومحاولة نفي أي دور للمتاجرين بقوت الشعب ، وصحته، واقتصاد البلد، وسمعته ، أقول لهم ما قاله الشاعر السعودي ( خلف بن هذال)، المعروف ب \" شاعر مهرجان الجنادرية\".. فعندما هاجم صدام حسين دولة الكويت، النشطة في الإنسانيات، ومساعدة الشعوب ، وقام باحتلالها وإحراق آبارالنفط فيها، وأيده في ذلك من أيده من قصار النظر، والفاشلين في استقراء الأحداث.. ومعظمهم الآن يمر بأصعب مما حدث للكويت .. عندما وقع ذلك العدوان الأهوج أبدع خلف بن هذال قصيدة طويلة، أشار فيها إلى المصائب التي نصنعها بأنفسها ، بتأثير شعارات، ومصطلحات، وعقائديات، وأوهام، وبفعل نشوة السلطة، ومنافع شخصية ... ثم نلقي اللوم على الغير .. ومما قاله الشاعر هذال في قصيدته المشهورة: \" من دون صهيون .. بذتنا صهاينا تكفر بالإسلام وتركز كماينها الله يالأنذال يقلع رمسكم عنا أطماعكم عندنا بانت بواينها\" لقد لاحظت في مداخلات القراء على المقالة السابقة ( ويكيليكس سوداني لكشف الحقائق) أن تاريخ السودان سيظل مشوها، ومزوراً، لأن الحقائق مدسوسة، ومدفونه.. وستظل مدفونة. وأشار بعض المتداخلين إلى أن خطوة مشابهة ل (ويكيليكس ) حلم بعيد المنال ، لأن دفن الحقائق لا يعكس فقط غياب ثقافة الرصد والتسجيل ونشر المذكرات في أوساط السياسيين، بل يعبر عن مرض الغرض . والله المستعان. [email protected]