صدي الفوضى.. الفوضى!! أمال عباس ٭ أمريكا في القرن الحادي والعشرين (الالفية الثالثة) وبعد ان تأكدت انها تتربع على سيادة العالم.. الاول والثاني والثالث تحكمه كما تريد.. اخذت تدفع الى ساحاته بالمصطلحات الجديدة المتناقضة.. مصطلحات محاربة الارهاب وهى تمارس نوعاً غريباً وعجيباً من الارهاب، مصطلح الفوضى الخلاقة الذي اطلقته على لسان وزيرة خارجيتها بعد حرب العراق المتطاولة وهى توزع الفوضى المدمرة. ٭ عنت لي خاطرة وانا ازحف بالسيارة في شوارع الخرطوم هذه الايام وعندما اقول الخرطوم لا اقصد المساحة المحدودة بكبري النيل الابيض والنيل الازرق وإنما اقصد الخرطوم عاصمة السودان أو العاصمة المثلثة الخرطوم بامتداداتها.. والخرطوم بحري بامتداداتها وام درمان بامتداداتها . ٭ قد لا تصدقونني ان قلت لكم اني قطعت المشوار من ام درمان الى الخرطوم موقع جريدة الصحافة في ساعتين كاملتين.. تداعت خلالها صورة العاصمة المحاصرة بالالغام البيئية.. بِرك المياه الاسنة وجيوش البعوض والذباب وكل الحشرات الغريبة التي تأتي مع الخريف ولا تذهب.. والمحاصرة بالالغام الاجتماعية كأنما تدثرت بقنابل قد تتوحل الى فجيعة في أية لحظة، ولسبب قد لا يخطر على بال انسان دونكم تفجيرات السلمة وتفجيرات عرس جنوبالخرطوم وقرنيت السجانة. ٭ العاصمة المحاصرة بجماعات التسول التي ساقها الفقر لطلب اللقمة في قارعة الطريق.. العاصمة المحاصرة بالجماعات التي ذهب سوء الحال بعقولها واندفعت الى الشارع.. العاصمة المحاصرة بالشباب وهم يعرضون بضاعتهم الهامشية.. مناديل الورق وكروت شركات الاتصال والاواني والادوات الكهربائية علها تبعد عنهم شبح العطالة. ٭ لماذا سيطرت على كلمة فوضى؟.. هل لأنها تجاوزت الفوضى السياسية وتراشق التصريحات ولغة الغارات والقصف المتكرر.. وتنزلت الى الشارع العام.. تستطيع ان تقرأ ذلك في ملامح الناس.. تستطيع ان تلمح العنف المندفق بين السودانيين.. فقد اصبح تبادل الشتائم واللكمات بين السائقين هو البديل لاتباع قواعد المرور.. بل البعض يتخذ من متاعب السير وازدحام العربات مناسبة لافراغ طاقة مكبوتة من العنف.. اوردت الصحف خبر الراكب في الحافلة والذي اعتدى على جاره في المقعد بالسكين بعد نقاش حول فتح نافذة الحافلة.. للاسف الوجوه في الطريق العام اصبحت عابسة تبحث عن المتنفس الذي يفرغ طاقة العنف المكبوتة. ٭ الشارع في الخرطوم هذه الايام هو المكان الذي لا يحترم الناس فيه القانون.. لا قانون المرور ولا عُرف التعامل الانساني الراقي. ٭ اصر سائق حافلة على ان يأخذ الطريق عنوة وفي أثناء تجاوزه احتك بعربة جديدة فشوه صورتها وما كان من صاحب العربة إلا ان خرج مندفعاً وغاضباً ليأخذ بتلابيب سائق الحافلة ويكيل له اللكمات بلا حساب وسط عبارات ركاب الحافلة واصحاب العربات التي توقفت تماماً بعد ان كانت زاحفة كالنمل. ٭ رددت مع نفسي.. فوضى.. فوضى في السياسة في حركات التحرير في الشارع.. فوضى انتظمت كل شيء.. ولكن اقول باختصار لاهل المرور الذين يبذلون قصارى جهدهم في ان تنساب الحركة اقول عليهم ان يفعلوا ارادة اعمال القانون ضد الذين يتسببون في الزحام وقفل الطريق بمحاولة التخطي واخذ الطريق عنوه لا سيما سائقي الحافلات. ٭ اما الحصارات الاخرى فهى في دائرة الازمة الكبيرة التي احاطت بحياتنا كلها، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي القدير. هذا مع تحياتي وشكري الصحافة