الصادق المهدي الشريف [email protected] لم يكن أمام الحزب الشيوعي السوداني إلا أن يقول ما قاله نيابةً عنه أمس عضو لجنته المركزية الدكتور الشفيع خضر من أنّ الحزب لا يمانع من أن تكون الشريعة الإسلامية هي مصدر الأول (ورُبَّما الأوحد) لدستور السودان... القادم. والحقيقة أنّ الحزب الشيوعي لا يستطيع إلا أن يقول مثلما قال خضر. وهذا عين ما قلناهُ في مقال الأمس نقلاً عن حديثٍ قديمٍ للشاعر الراحل صلاح أحمد إبراهيم، الذي قال أنّ اليساريين والعلمانيين السودانيين لا يؤيدون تطبيق الشريعة الاسلامية حتى أولئك الذين لا يتعاطون الخمر ولا يرتادون النساء. وصلاح كان يسارياً جامحاً، مثلهُ وأحمد سليمان المحامي بيد أنّهما قاما بمراجعات فكرية لموقفيهما أدت الى تحول كبير نحو اليمين. ومشكلة الحزب الشيوعي الحالية بدأت منذ مؤتمره العام الذي إنعقد في قاعة الصداقة في نهاية يناير 2009م... وهي أنّه اختار الإستمرار في النهج الماركسي القديم عِوضاً عن التجديد في الفكر والكوادر (متوسط عمر المشاركين في المؤتمر العام الخامس كان 60 عاماً). علماً بأنّ مؤتمر الحزب الشيوعي 2009م قد إنعقد بعد عشرين عاماً من إنهيار الإتحاد السوفيتي قائد المنظومة الشيوعية (الذي إكتمل إنهياره بصورة نهائية في العام 1989م). ومن سخريات الأقدار أنّ روسيا وريثة المنظومة الشيوعية قد إختارت التوجه نحو النظام الرأسمالي... في وقتٍ إختار فيه الغرب إجراء مراجعات للنظام الراسمالي أبَّان الأزمة المالية العالمية... وطفق بعدها يبحث عن قِبلة يولي إقتصاده شطرها. وبعد كل تلك المفارقات ما زال الحزب الشيوعي السوداني يولي وجهه شطر روسيا والفكر الشيوعي... فتأمل!!!. د.الشفيع خضر قال أنّ تطبيق الشريعة الإسلامية لا يمثل عقبة أمام نشاط الحزب... وهذه حقيقة... سيَّما بطريقة التفكير التي يحكم به المؤتمر الوطني السودان... وهو تفكيرٌ لا يهتم كثيراً بأيِّ نشاط سياسي أياً كان...س طالما أنّه النشاط لا يستطيع الوصول الى كراسي الحكم. والمفارقة الأوضح على هذا أنّه في الوقت الذي كان الحزب الشيوعي يعقد مؤتمره العام بقاعة الصداقة بالخرطوم على بعد أمتارٍ قليلة من القصر الجمهوري وتحت حماية قوات الشرطة.. و سمع وبصر الاجهزة الامنية... كان الدكتور حسن الترابي الأمين العام للمؤتمر الشعبي والمخطط الأول لإنقلاب الإنقاذ...في المعتقل. وكانت الأجهزة الامنية تتابع تحركات بعض كوادر المؤتمر الشعبي... وتفضّ إجتماعاتهم، وتلقي القبض على بعضهم. بما يشي بأنّ الممارسة السياسية التي لا تمثل تهديداً مباشراً لكراسي الحكم ولا تجرح الخاطر السياسي للمؤتمر الوطني لا تجد ممانعةً ولا صداً من الأجهزة الرسمية. وعلى أساس هذا التحليل يصدق الشفيع خضر حينما يقول أنّ تطبيق الشريعة الاسلامية لن يمنع النشاط السياسي للحزب الشيوعي... لأنّه نشاط لا يصوِّب سهامه نحو كراسي الحكم. عكس نشاط المؤتمر الشعبي الذي لا يستهدف شيئاً سوى الكراسي التي يجلس عليها شقيقه السابق... ولا ينشط إلا لإحراج المؤتمر الوطني وتكسير مقاديفه. للأسف... هذه هي وبكلِّ سفور... (لُعبة) السياسة في السودان. صحيفة التيار