( صواع الملك ) معيار الوطنية في خطاب البشير فيصل عبد اللطيف [email protected] \" هذا الوطن ملكٌ لكل أبنائه ، لا يحقُّ لأحدٍ أن يمتنَّ فيه على أحدٍ أو يَدُلَّ عليه ، إلاّ بتفوقِ حظَّه من الوطنية الحقَّة\" .هذه العبارة اقتبسها من خطاب السيد رئيس الجمهورية في الذكرى 55 للاستقلال.. وهي بلا شك عبارة جيدة وطيبة ، خاصة إذا قرأناها باستحضار عبارات كثيرة قيلت ، وتصريحات أطلقت في الأيام الأخيرة ، ورسمت صورة قاتمة للمستقبل.. من شاكلة \" الكلام المدغمس\" ، ورفض القول بتنوع السودان الاثني والثقافي ، و\" لحس الكوع \" ، واستخراج \" العقارب\"، والتحدي بتشكيل الواقع الجديد بعد انفصال الجنوب، وفرض رؤية أحادية. على أي حال هذه العبارة إذا كانت مقصودة حقاً، وإذا قيلت بقلب مفتوح ، وعقل منفتح، فلها ما بعدها من اشتراطات فعلية وقولية .. ولكن قبل ذلك لنسأل .. ما معيار الوطنية ؟ ومن الذي يحدد درجة وطنية أحدنا ؟. وماذا لو كان الكلام الذي يصدر عما أحد ، أو جهة ، أو جماعة ، أنه وطني، ولا يروق لأهل الحكم ، أو لا يجد هوى لديهم.. هل سيتوقف التصنيف، وإطلاق الألقاب، والاتهام بالخيانة ، والعمل لصالح أجندات ضد الوطن ؟ كلنا وطنيون ، وكل من يطرح رأياً، فهو وطني، وحتى الذي له رأي في تطبيق الشريعة ويدعو إلى دولة علمانية هو أيضاً وطني، لا يحركه إلا حبه للوطن، ويرى أن موقفه يصون الوحدة، ويحافظ على ما سيتبقى من السودان. لقد أسس الرئيس البشير على مبدأ \"هذا الوطن ملكٌ لكل أبنائه\" ، وأشار إلى أخطر عملية تواجه الوطن بعد انفصال الجنوب ، وذهب إلى ما يمكن أن يفهم أنهم تطبيق هذا المبدأ في استحقاقات المرحلة القادمة، \" نقول هذا ، ونحن نخطو صوبَ مراجعةِ دستور البلاد ، تجاوزاً للأحكام المؤقتة التي اقتضتها ترتيبات اتفاقية السلام الشامل ، إفتراعاً لصياغة أحكام جديدة تتواءم ومقتضيات المرحلة المقبلة ، وتأسيساً على ما هو مستقرٌ ودائم من الآليات والنصوص\". ونحن نقول ، ونسأل: إلى من سيوكل تعديل الدستور، أو مراجعته؟ هل سيضطلع به البرلمان الحالي؟ أم فريق يمثل كل ألوان الطيف؟ إن الانفراد بتحديد أطر المرحلة القادمة، سيعني بالضرورة الانفراد بالوطن، ومثل هذا التصرف سيهدم بداية مبدأ \" \"هذا الوطن ملكٌ لكل أبنائه \".. إن الشعاع الخافت الذي يراه البعض في العبارة المقتبسة من كلمة رئيس الجمهورية يحتاج من الحكومة والمؤتمر الوطني جهوداً كبيرة ليصبح ضياء، ولا يكون ذلك إلا بتغيير الخطاب المستفز الذي يقلل من وطنية الآخر، ويستهين برؤيته، ومواقفه. وغير ذلك سيكون الطرح استهلاكياً ، ومحاولة لتجميل الصورة ، وترطيب ا الأجواء في مناسبة وطنية شارك فيها الجميع بالدم والدموع والكلمة. ليس هناك سعة في الوقت لتجربة ما جاء في كلمة الرئيس البشير ، فالانفصال وشيك، وترتيب الأوضاع يحتاج سرعة. فهل سيتغير المؤتمر الوطني بالسرعة نفسها ، ويلقي وراء ظهره كل الخطاب الحاد، والتحدي ، والتهديد؟ نرجو ذلك. لقد فشلت شعارات\" الوحدة الجاذبة \" .. وثبت اننا كنا نعمل للانفصال أكثر من العمل للوحدة ، خاصة أن تلك الشعارات لم تراع مبدأ \" هذا الوطن ملكٌ لكل أبنائه \"، ولذلك يخشى أن يكون ما أعلنه البشير عشية ذكرى الاستقلال شعارا كسابقه، وليس مبدأ ، ولا نجد له تطبيقاً على الأرض، أو يكون تكتيكاً لتمرير ما يدعونه \" الحكومة ذات القاعدة\" ، لاستبدال شريك ، أو شركاء جدد بالحركة الشعبية. سنرى. [email protected]