تراسيم قتلت زوجي..!! عبدالباقى الظافر [email protected] عندما دخل القاضي وهتف حاجب المحكمة.. شعرت بالخوف.. بدأت عيوني تمطر بغزارة.. حاولت بصعوبة أن أتصفح الجموع التي جاءت تنتظر إعدامي.. أبي لم يكن من الحاضرين.. لم يقوَ على مواجهة الناس..أخي الوحيد خزلني في الوقت الذي كنت أنتظر مؤازرته.. أمي وحدها التي لم يطاوعها قلبها على تركي وحيدة.. أين نادر لماذا لا أراه؟.. ربما منعته أمه من مناصرتي. القاضي يشبه بابكر زوجي.. ذات الرأس الأصلع والكرش المتمدد.. سألني مولانا هل قتلتِ زوجك؟.. حركت رأسي للأمام.. كان يريد إجابة أكثر وضوحاً فأعاد ذات السؤال.. كان ردي نوبة بكاء أخرى.. لم ينهرني القاضي.. ترك لي حرية البكاء. كنت أتذكر كل الأحداث كأنها حدثت للتو.. بعيد إفطار الجمعة زارنا بابكر برفقة شقيقته..القرية كلها كانت تتحدث عن عودة بابكر بعد اغتراب طويل.. ابنة عمه حدثتنا في المدرسة أن المغترب يبحث عن عروسة.. لم يخطر في بالي ابدا أن أكون مرشحة لخوض غمار هذه المنافسة.. من غير المعقول أن تفكر فتاة بالصف السادس في مثل هذه الأمور المعقدة. جلس بابكر وشقيقته في الديوان على غير العادة ..ذهب إليهم أولاً والدي.. أمرتني أمي أن أحمل أكواب العصير.. قبل أن أفعل ذلك كانت شقيقتي الكبرى نوال تطلب حضوري إلى الغرفة الكبيرة ..وضعت على وجهي بعض الأصباغ وطلبت مني ارتداء فستان بديل.. تحسست قلبي هل من الممكن أن أكون أنا المقصودة. فجعت عندما رأيت الرجل الذي كان موضع اهتمام أسرتنا.. كان يماثل أستاذ متوكل ناظر مدرستنا عمراً.. يرتدي جلباباً قصيراً.. يميز وجهه ذقن أشعث.. بريق الاغتراب يضفي عليه شيئاً من النعومة وكثيراً من الأناقة في المظهر. عندما غادرت المكان بعد توزيع أكواب العصير ..سمعت بابكر يقول لأبي \"على بركة الله\".. ذهبت لأمي حاصرتها بالسؤال.. قالت ستتزوجين وتمضين إلى السعودية.. ثرت في وجهها.. أعلنت عصياني للمرة الأولى.. كلما نلت من توسلات تأجيل الزواج إلى حين الفراغ من الامتحانات.. ثم ذكرتني امي أنني لم أعد طفلة.. روت لي أنها تزوجت في مثل عمري هذا. ضاقت عليّ الدنيا الواسعة.. تغيبت عن الدراسة لمدة يومين..لا أحد يفهمني.. رفيقاتي في الفصل كن يتغامزن.. الأولاد كانوا أفضل حالاً في مدرستي المختلطة.. كانوا يدركون أنني أحلم بالزواج من نادر الذي يتصدر الدفعة.. اكتفوا بمؤاساته في المصاب الجلل.. نادر بدا غاضباً.. ظن أنني استبدلته برجل آخر.. ترك مقعده الأمامي ولاذ بمؤخرة الفصل. مضت الأيام سراعاً..استسلمت لقدري..اجتمعت القرية في دارنا على وجبة عشاء.. لم يكن هنالك حفل غنائي..العريس كان يعترض على المعازف ..أمي كانت آخر من يودعني.. عندما حضنتني شعرت أن قلبي يخفق.. يكاد يطير من موقعه.. همست في أذني بكلمات لم أتبينها أبداً. مضيت مع زوجي إلى منزل قصي في ليلتنا الأولى ..كنت ارتجف كعصفور هده البرد.. بينما كان زوجي ثابتاً كجبل.. خلع جلبابه وابتسم كأسد أطبق حصاره على فريسة.. رأيت على المنضدة فاكهة ممدودة تعلوها مدية صغيرة.. ركزت على السكين.. لما همّ بي غرستُ السكين في أحشائه مرة وأخرى. كنت أصرخ من منظر الدماء المنهمر.. ظن الأهل والأقارب والجيران أن العريس قضى وطره.