محمد عبد الله برقاوي.. [email protected] عند ما تملاء خيوط شمس هذا اليوم افاق الوطن الحزين الذي ينهض جزء منه مستيقظا باحساس الناقة التي تحن لصغير ذهب بعيدا عنها ربما لن تراه ثانية وكان حتي الأمس يتشرب من حنان امومتها.. ويلهو في فناء حظيرتها..وتبكي حتي علي حلاوة شقاوته حينما يبعد عنها فتخشي عليه من ظلام الغابة.. وتزجره ليعود.. ولكنه هذه المرة يذهب ربما نائيا عنها بارادته ..أما توقا للحرية كفتي... ( غريرا أرعنا )..مثلما قال ايليا ابوماضي في قصيدة وطن النجوم.. واما مغررا به ممن زينوا له الانعتاق من حنان اثداءالأم في ظل هيمنة راعي الزريبة وبطشه لها الذي اخاف الحوار فذهب مستجيرا من عنت الحاضر الي مجهول القادم في الغابة بكل ما فيها من وحوش الحيوانات ووحوش البشر الأكثر طمعا في لحمه ووبره وظهره... فاضحت الأم تنشد ( في ربيع الحب كنا نتناجي ..ونغني ..ونناجي الطير من غصن لغصن..ثم ضاع الأمس منا ..وانطوت في القلب حسرة ) بتلك الكلمات التي صاغها فلتة زمانه ادريس جماع و طرب لها الناس باحساس سفير الفن السوداني الذان رحلا قبل ان يموت ربيع حبنا ويزبل ورده وقد كان يوزع الظلال والعبيرا تخطرا مع السحاب القادم من الجنوب دون وثيقة أو جوازات للعبور..وهو يحرس النيل ويظلله فيتهادي بالسقيا ويبسط الخضرة علي الضفتين ..فتبتسم الحياة لغد ..هاهو يضيع في غياب الأمس وقد مر يوم كامل وطويل.. طويل.. ليكون فاصلا لتاريخ أطول بحدود أطول .. وخوف اعمق من جراحات طمست بنزيفها طرقات التواصل الطروب .. حيث لم يعد وجود سيد خليفة ممكنا من بعد ذا ليعبرها صادحا مع استمالة بامبو الجنوب السوداني..بلسان الشمال السوداني.. وبنغمات السودان الذي كان واحدا حتي لحظات تواري شمس البارحة.. وأطل علينا يوم في رهبة عقابيل اليوم الذي رسمه الفيلم الأمريكي الشهير المسمي اليوم التالي..( زا دي افتر ) والذي صور شكل العالم في اليوم الثاني لحدوث كارثة نووية ضربتة بقوة وعنف.. وهاهو ذاك هدير الجنوبين وهو ينزوي بعيدا في صناديق الأقتراع يبتلع معه صوت يوسف فتاكي الذي بح وهو ينادي منذ زمن ( ياي بلادنا وكلنا أخوان ) .. فيا أخوتي في كل مكان من جنوبالوادي الأخضر المرتبط معنا بشريان حياة واحد.. ولئن ذهبتم في طلاق نحسبه غير بائن وقد دبره العوازل بمأذون زائف وشهود زور مغروضين.. كونوا قريبن من النفاج الذي يسرب المودة المتصلة وان انقطعت الي حين .. فلنا عودة الي رباطنا بمأذون حبنا الحقيقي..والذي يقف خلف بوابةالتاريخ وشهوده الجغرافيا والدم ..ليعيد صلتنا وبدون محلل...فنحن نتفهم دوافع حردكم ..مثلما نحس مبررات فرحكم.. وحزننا علي فراقكم المؤقت تحتبس وراءه بسمة التلاقي مجددا برؤية عودتكم من خلف غلالة الدمع النبيل..فتعالوا بعد ان تتعلموا من درس الفراق ..باحسان .. لحضن سيتعظ حتما من سلبية عدم الامساك بمعروف.. وفقكم الله في ترحالكم عنا ..وعودا حميدا الينا .. فلا تطولوا علينا الغيبة.. ولن ننساكم ابدا .. فان غدا لناظره قريب .. والله المستعان ... وهو من وراء القصد..