إليكم الطاهر ساتي [email protected] وإن غدا لمنتظره .. ( سمك عم مرسي ) ..!! ** عمنا مرسي، لم يشتهر في قريتنا تلك بالكذب فقط ، بل كان كسولا أيضا.. وعندما يذهب رجال القرية إلى النهر فجرا لصيد السمك، كان مرسى يتقلب ذات اليمين وذات اليسار على فراشه باسطا خموله .. وعندما يعود رجال القرية قبيل الضحى إلى بيوتهم بما إصطادوها، كان مرسي يتمطى طولا وعرضا بجوار فراشه تأهبا للإفطار.. وعندما يجتمع رجال القرية بزوجاتهم وأنجالهم على مائدة السمك ، كان مرسي يجتمع مع زوجته وأنجاله على مائدة الوعد الكذوب ذات العبارة : معليش الليلة نفطر بالرشوشة دي ، بكرة بجيب ليكم سمك..هكذا كانت حياة عم مرسي، نوم حتى الضحى يوميا ثم الوعد الكذوب بأن تكون وجبة الغد سمكا، ولذلك قالت جارتهم ذات يوم : يا حليلم ، أبوهم كل يوم بيأكلم سمك لحدما يشبعوا بالرشوشة.. فصار قولها مثلا نوبيا : نأكل السمك حتى نشبع رشوشة.. والرشوشة هناك هي ( الكسرة بالموية )..!! ** المقرر العام للمجلس الأعلى للإستثمار، مصطفى عثمان إسماعيل، لايختلف عن عم مرسي كثيرا، حيث خاطب الناس - بعد ربع قرن إلا نيف من عمر حكومته - قائلا بالنص ضحى البارحة : ( موارد الشمال الإقتصادية ضخمة ويجب إستثمارها، منها الأراضي الزراعية الشاسعة وكذلك الثروة الحيوانية ثم المعادن والمياه أيضا.. ويجب توحيد نافذة الإستثمار وحل مشاكل الإستثمار، وإنشاء مفوضية إستثمار بكل ولاية لتسهم في حل قضايا الإستثمار..وإنفصال الجنوب ليس له آثار سالبة على إقتصاد الشمال كما تنبأ البعض، فالموارد الإقتصادية بالشمال مقدرة جدا )..هكذ يتحدث مقرر المجلس الأعلى للإستثمار..عفوا، ذاك ليس حديثا، بل كل جملة فيها بمثابة تلك المائدة السمكية التي كان يقدمها عم مرسي لآل بيته يوميا ، حتى يشبعوا بالرشوشة ، أي هو الوعد الكذوب في أقبح أشكاله .. أي، مصطفى - بلسان حال الحكومة- يخدر عقول الناس بألا خوف على إقتصاد الشمال من إنفصال الجنوب، وأن موارد الشمال مقدرة وفجر الإستثمار باسم جدا، هكذا يطمئن الناس .. بيد أن الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن إرتفعت قيمة كل شئ يسد الرمق، ولاتزال تسمو إرتفاعا كما نسب أطفال دار المايقوما ونسب العطالة ونسب الفقر ونسب الفساد في تقارير المراجع العام..عفوا ليس كل شئ إرتفعت قيمته في البلاد ، هناك قيمة شئ ما إنخفضت وصارت رخيصا في بورصة البلد ، وهي قيمة الإنسان الذي يطمئنه مقرر المجلس الأعلى للإستثمار بوجبته السمكية تلك ..!! ** لو لم تكن قيمة الإنسان رخيصة في بلدي، لما إكتشفت الحكومة بعد عشرين عاما من الحكم - بلسان حال مصطفاها - بأن بالبلد أرض لم تستثمر بعد، وثروة حيوانية لم تستغل بعد و معادن لم تستخرج بعد، ومياه تشق الأرض طولا ولم تروها بعد ، وإستثمارا لم تعالج قضاياه بحيث يكون منسابا في حياة المجتمع ..نعم، أخيرا - بعد ربع قرن إلا نيف - إكتشفت عبقرية مصطفى كل تلك الكنوز، ولذلك جاءت لتطمئن ناس الشمال بإستخراجها وإستغلالها لاحقا ، بمعنى : ( مافي مشكلة من إنفصال الجنوب، عليك أمان الله تاكلو باسطة ، بس أصبروا شوية ) ، أوهكذا لسان الحال المراد به تخدير العقول أمام حدث ( رفع الدعم عن الوقود )..!! ** لا علينا، فلنبحث لهم عن عذر معقول ، ربما فاجأهم الجنوب بالإنفصال والمضي ببتروله، بحيث لم يتذكروا بند الإستفتاء الذي تم التوقيع عليه قبل خمس سنوات إلا ضحى الإستفتاء ، ولذلك أهملوا الأرض وغضوا الطرف عن المعادن ولم يشعروا بالنيل والمطر والثروة الحيوانية ، وكذلك تركوا الإستثمار فوضويا بلا معالجة لقضاياه..نعم لقد نسيوا أو تناسوا موعد يوم كهذا، حتى فاجأهم اليوم وإشتعلت الأسواق، فخرج مصطفى للناس بوعد ( سمك عم مرسي ).. فأنتظروا أيها الناس ربع قرن آخر فقط لاغير، بحيث يثمر وعد مصطفى قمحا وسمكا ودولارا تتقهقر قيمته إلي دون العشرين جنيه ، أوهكذا كانت القيمة قبل عشرين سنة ..!! ....................................... نقلا عن السوداني