باكستان تجري تجربة إطلاق صاروخ ثانية في ظل التوترات مع الهند    تشفيره سهل التحرش بالأطفال.. انتقادات بريطانية لفيسبوك    بعقد قصير.. رونالدو قد ينتقل إلى تشيلسي الإنجليزي    "فلاتر التجميل" في الهواتف.. أدوات قاتلة بين يديك    ((آسيا تتكلم سعودي))    ما هي محظورات الحج للنساء؟    الفَهم البيجِي بعد السّاعة 12    المريخ يواصل عروضه القوية ويكسب انتر نواكشوط بثنائية    شاهد بالفيديو.. هدى عربي وحنان بلوبلو تشعلان حفل زواج إبنة "ترباس" بفواصل من الرقص المثير    شاهد بالفيديو.. قائد لواء البراء بن مالك يهدي الطالبة الحائزة على المركز الأول بامتحانات الشهادة السودانية هدية غالية جداً على نفسه إضافة لهاتف (آيفون 16 برو ماكس) ويعدها بسيارة موديل السنة    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يحيي حفل من داخل مياه (حوض السباحة) وساخرون: (بقينا فاطين سطر والجاتنا تختانا)    شاهد بالفيديو.. هدى عربي وحنان بلوبلو تشعلان حفل زواج إبنة "ترباس" بفواصل من الرقص المثير    494822061_9663035930475726_3969005193179346163_n    شاهد بالصورة والفيديو.. بالزي القومي السوداني ومن فوقه "تشيرت" النادي.. مواطن سوداني يرقص فرحاً بفوز الأهلي السعودي بأبطال آسيا من المدرجات ويخطف الأضواء من المشجعين    شاهد بالصورة والفيديو.. بالزي القومي السوداني ومن فوقه "تشيرت" النادي.. مواطن سوداني يرقص فرحاً بفوز الأهلي السعودي بأبطال آسيا من المدرجات ويخطف الأضواء من المشجعين    قائد منطقة البحر الأحمر العسكرية يقدم تنويرا للبعثات الدبلوماسية والقنصلية وممثلي المنظمات الدولية والاقليمية حول تطورات الأوضاع    تشيلسي يضرب ليفربول بثلاثية ويتمسك بأمل الأبطال    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    السعودية تستنكر استهداف المرافق الحيوية والبنية التحتية في "بورتسودان وكسلا"    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    بورتسودان .. مسيرة واحدة أطلقت خمس دانات أم خمس مسيّرات تم اسقاطها بعد خسائر محدودة في المطار؟    الجيش يوضح بشأن حادثة بورتسودان    عزمي عبد الرازق يكتب: هل نحنُ بحاجة إلى سيادة بحرية؟    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    فاز بهدفين .. أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تفجر الحكومة السودانية معجزة نفطية أخرى؟
نشر في سودان سفاري يوم 13 - 12 - 2010

حقق مؤتمر تنمية وإعمار الشرق السوداني الذي استضافته الكويت مطلع الشهر الجاري، نجاحا كبيرا بمقاييس الهدف العام للمؤتمر الذي استقطب دولا وكيانات اقتصادية وسياسية مانحة، كما استقطب مستثمرين عربا وأجانب استراتيجيين.
الحكومة السودانية بدت أنها تبدي اهتماما غير تقليدي لهذا المؤتمر الذي جاء في وقت تدخل فيه البلاد كلها مأزقا تاريخيا، بسبب أجندة الانفصال التي طرحت نفسها بقوة والتي لم تكن حكومة الشمال تحسب لها حسابا، فقد حظي موضوع الانفصال بتدخلات غير تقليدية من قوى سياسية عالمية قلبت جميع الموازين، الأمر الذي أربك جميع متخذي القرار في الخرطوم الذين أبقوا موضوع الانفصال طي الإهمال منذ توقيع اتفاقية السلام، ويبدو أن الأطرف الآخر كان يعد كعكة المفاجأة مع تلك القوى الدولية، ولذلك، كانت واجهة مسرح السياسة في الخرطوم فعلا مباغتا غير متوقع.
الخرطوم اليوم، وقد بات موضوع الانفصال أمرا حتميا لا محالة، تحاول ترتيب أوراقها على أكثر من صعيد بشيء من العجلة التي قد تصاحبها عثرات كبيرة وخطيرة، غير أنها لا تملك إلا أن تمضي على نفس وتيرة السرعة التي تتخذ بها قرارات مصيرية، على الرغم من أن هذا الأسلوب لا يفرّخ سوى حالة من حالات تعاظم المطبات والمنزلقات المحفوفة بالمخاطر.
الانفصال يعني رفع يد الشمال السوداني عن عوائد النفط الذي بات يشكل أكثر من 75% من إجمالي الدخل المحلي للدولة، و95% من ميزانيتها، مما يعني بالضرورة أن حكومة الشمال مرغمة مع الانفصال على التخلي عن أقوى سلاح تمتلكه الدولة في تاريخها، وتتنازل عنها شاءت أم أبت، من دون أن يكون لها بدائل استراتيجية تنموية واقتصادية جاهزة يمكنها الاستعاضة بها عما فقدته أو ستفقده قريبا قريبا جدا، وفق الترتيبات التي يتم تحديدها بشأن (تصفية الذمم) وتوزيع الممتلكات.
في اعتقادنا، ولأن كل شيء جاء مباغتا، فإن مؤتمر إعمار الشرق لم يكن مخططا له، ضمن تلك البدائل التنموية والاقتصادية، بقدر ما كانت وليدة مصادفة، تجعل من منجزاته مشاريع استراتيجية لحكومة الشمال، تنطوي على أهمية بقدر التعويض عن الفاقد والخسائر المحتملة، وحجم التعرض الاقتصادي والتنموي لهذه الخسائر، وتبعات ذلك كله على مجمل الشئون السودانية في عام يتوقع أن يباغت السودانيون بمفاجآت كثيرة لم تكن في الحسبان، على أن أسوأ ما يمكن أن يباغت به أهل الشمال، هو العودة مجددا إلى مربع السودان في بدايات ثورة الإنقاذ بكل تفاصيله.
وليس من المستبعد أن يعيش عرب السودان مجددا، سنوات عجافا طويلة مريرة، ريثما تلوح لهم أضواء في نهايات أنفاق طويلة معتمة تزيدها التواءات التضارب المرتقب في السياسات العامة للدولة ظلمة.
نعم، لقد بلغت التزامات المانحين للمشاريع التنموية والاقتصادية ال 177 المعلنة في المؤتمر بالكويت نحوا من 3,5 مليارات دولار، غير أن هذه الأموال لا ترد إلى مشاريع التنمية هكذا بين عشية وضحاها، حيث يتم توزيعها بطبيعة الأمر بين سلسلة من المشاريع تتباين من حيث تواقيت بدئها ومددها ومن حيث العوائد (قصيرة، متوسطة، طويلة المدى)، الأمر الذي يقلص كثيرا فرص جني مكاسب مباشرة منها للحكومة، لا سيما إذا عرفنا أن المستثمرين الأفراد في كثير من هذه المشروعات، ينتظرون مكاسب كبيرة منها، مقابل حصص متناهية للحكومة السودانية، حيث تتمتع هذه المشاريع التنموية أو الاقتصادية (متوسطة وطويلة المدى) إلى إعفاءات تتراوح بين 5 إلى 10 سنوات، ليس للحكومة أن تتوقع منها أية مكاسب.
ويبقى أمام الحكومة الإسراع في الخطى نحو الاستثمار الفوري من خلال شركاء أقوياء من المنطقة وخارجها، والاستعجال بدعوة الشركات العالمية المتخصصة للبدء، بدون تفويت أية فرص مهما صغر حجمها، في التنقيب واستخراج المعادن التي يختزنها هذا الإقليم الثري بالموارد الطبيعية، لعل أهمها الذهب والنفط والغاز.
نحن لا نشك في أن الحكومة السودانية قادرة على صنع المعجزات، فعلى أقل تقدير، هي قادرة أكثر من الظروف التي فجرت فيها النفط من آبارها الحالية، وبنت لإمداداته واحدا من أطول خطوط النفط في الشرق الأوسط (على طول 610 كيلومترات)، حتى تدفق النفط السوداني من ميناء (بشاير) في الشرق، وقد يستهلكها استخراج وتصدير النفط من نفس إقليم التصدير مختزلة كلف بناء ذلك الخط الطويل من الأنابيب، ومتمتعة بقوة ونفوذ ماليين كبيرين قياسا بما كانت عليه قبل تفجر النفط، ولكن البداية.
نحن نرتقب ونترقب أن يعلن الرئيس السوداني تاريخا كما سبق ان فعل في التجربة الأولى السابقة، وأعتقد أن تفجير استقبال عوائد نفط وغاز الشرق سيكون أسرع بكثير من السنة التي أعلنها مدة لتصدير النفط السوداني، وكان حينها النفط في علم غيبيات السودانيين.
وعلى عكس السوداوية التي قدمناها في بداية هذا العمود، فإننا نرى أن استثمار النفط في الشرق السوداني، سيكون بمثابة أكبر حافز لمستثمرين استراتيجيين للدخول بقوة في السودان الشمالي، ونعتقد أن القادرين على قراءة سيناريوهات المستقبل السوداني، قد بدأوا يعدون العدة للدخول بتلك القوة المرتقبة في الاستثمار في السودان، من خارج الاتفاقيات التي أبرمت على هامش مؤتمر الإعمار، ولا أدل على ذلك، من الأنباء التي تداولتها وكالات الأنباء حول اعتزام الأمير السعودي بندر بن خالد استثمار 5 مليارات دولار في قطاعات الاتصالات والبناء ومشروعات صناعية في السودان.
عودة مرة أخرى إلى مؤتمر المانحين، إننا نتوقع أن يكون الخليجيون المستثمرين الأكثر بروزا، فقد حظيت المشاريع التي طرحت باهتمام كبير على مستوى المستثمرين الأفراد والحكومات، ففيما وعدت الكويت بتخصيص نصف مليار دولار لتمويل مشاريع في الإقليم تعهدت إيران ب 200 مليون دولار، والبنك الإسلامي للتنمية ب250 مليونا، وقدم الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية التزامات ب 210 ملايين دولار، كما التزمت المؤسسة العربية لضمان الاستثمار بتقديم دعم مالي بمقدار 300 مليون دولار للاستثمارات في شرق السودان، وقدم صندوق إعمار الشرق 250 مليون دولار، بالإضافة إلى المنظمات الخيرية والتطوعية التي قدمت نحو 100 مليون دولار، حسبما تم تناقله على مستويات رسمية.
ومن بين المشاريع ال 177 التي تقدر كلف تمويلها بحوالي 42 مليار دولار، مشاريع تنموية استراتيجية مثل إنشاء سد بقيمة 600 مليون دولار وثلاثة مصانع للأسمنت بقيمة 450 مليون دولار ومشاريع للطرق والكهرباء بتكلفة 430 مليون دولار.
أما فيما يتصل بالمشاريع الاقتصادية، فإنها تتباين بين مشاريع الزراعة والبستنة والمواشي وتضم مشاريع للإنتاج الحيواني والزراعي في ولاية كسلا، ومشاريع للحوم البقر في ولاية القضارف، ومشاريع لبناء النشا والجلوكوز ومصنع في ولاية القضارف، وأخرى لإنشاء الفاكهة والخضر في أبقيق ولاية القضارف، وخامسة لإنشاء محطات معالجة الفاكهة والخضر في ولاية كسلا.
أما المشاريع الخاصة بالاستثمار العقاري، فإنها تضم مشروعين الأول: عبارة عن بناء برج مركز خدماتي ضخم لمدينة بورسودان، والآخر لبناء مركز للأطباء في ولاية البحر الأحمر .
مشاريع الأسماك تضم أيضا مشروعين الأول خاص بتنمية مصايد الأسماك في ولاية كسلا، والثاني خاص بتنمية الثروة السمكية البحرية في ولاية البحر الأحمر، فيما تضم المشاريع السياحية مشروعا لبناء مجمع سياحي سكني في ولاية هيولت البحر الأحمر.
وكانت مشاريع القطاع الصناعي من ضمن المشاريع الرئيسية التي قدمت في المؤتمر وحظيت بقبول كبير، وتتألف من خمسة مشروعات هي: بناء مصنع للاسمنت في ولاية كسلا، إنتاج الجير الحي والجير المطفأ في ولاية القضارف، إنشاء مصنع للورق في ولاية القضارف، إنشاء مصنع الدباغة الجلدية في ولاية القضارف، وبناء مصنع للأسمنت في الدولة دورديب البحر الأحمر.
المؤتمر شهد أيضا دخول مانحين غير عرب، حيث بلغت الالتزامات البريطانية 70 مليون دولار، فيما بلغت الالتزامات الصينية 35 مليون دولار، والتزمت المفوضية الأوروبية بالتزامات تقدر قيمتها ب 24 مليون يورو، والتزمت ايطاليا ب 30 مليون يورو، ولذلك، فإنه من المرجح أن تكون كفة المستثمرين العرب في السودان هي الأرجح في السنوات الخمس المقبلة، وعلى الحكومة السودانية أن تخلق مناخا مشجعا لاستقطاب المزيد من هذه الاستثمارات العربية، ولعل السبق بتوفير الطاقة من خلال الاستخراج المكثف للنفط والغاز، سيكون أكثر الأسباب الجاذبة لاستقطاب الاستثمارات الوافدة المباشرة إلى السودان في المرحلة المقبلة من تاريخ سودان عربي آمن من الحروب.
المصدر: اخبارالخليج 13/12/2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.